قال الضَمِير المُتَكَلّم : يوم عَرَفَات، ذلك اليوم المبارك في ساعاته وشعائره، ومشاهده؛ رسائل للعالم أجمع عنوانها (الإسلام دين منهج وبرنامج حياة) ومن تفاصيلها : (1) في يوم عرفات وفي ظرفٍ زماني واحد مساحته (720 دقيقة) فقط، ومكاني محدود لا يتجاوز (11 كم مربع) يجتمع أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون إنسان مختلفي الألوان، واللغات واللهجات، وقبل ذلك الجنسيات والبيئات، فأيُّ زمان أو مكان غير (عَرفات الله) يفعل ذلك، وأيُّ دِيْنٍ يجمع تلك الاختلافات ويوحدها إلا دِين الإسلام؛ فهل يدرك المسلمون ذلك ؟! (2) المسلمون حول العالم تفرقهم الطوائف والمذاهب، واتباع هذا الشيخ أو ذاك، المسلمون في أنحاء الأرض تفرقهم الحدود الجغرافية، والصراعات السياسية والفكرية؛ واختلافات كثيرة لأجل مسائل فقهية فرعية !! فجأة يأتي يوم (عَرفات)؛ لتذوب فيه كل تلك النزاعات؛ ليكون الهدف واحداً، ونبض القلوب يعزف لغة ربانية مشتركة، (يا الله) اللسان أصبح ينطق حروفاً متماثلة رغم صعوبة مخارجها عند البعض؛ وقبل ذلك فالنفوس نقية صافية بيضاء، بياض ملابس الإحرام ! إنها رسالة بليغة أيها المسلمون : إن ما يجمعكم أكثر وأكبر مما يحاول أن ُيشتِتكم فهل تشعرون ؟! (3) (يوم عَرَفَات) شهد أصدق وأشمل وأعظم وثيقة لحقوق الإنسان؛ فعودة سريعة للماضي البعيد الفريد المجيد، سوف نجد أن خطبة (عَرَفَات) في حجة الوداع لنبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام، سطرت كل الأصول الإنسانية التي فيها صلاح الناس وحقوقهم في معاشهم ومعادهم، ومنها : تحريم الدماء والأموال، إلا بحقها، إلغاء شعائر الجاهلية وشعاراتها ، وإبطال الثارات بين القبائل، وعرض المنهج الاقتصادي بتحريم التعاملات الربوية، وتفعيل جانب القدوة في التعليمات فنبي الرحمة محمد عليه السلام بادر في التطبيق بِنسْف (رِبا عَمّه العَبّاس) . أيضا شملت وثيقة (عَرَفَات الإنسانية) التذكير بحقوق المرأة التي فرضها الإسلام باعتبارها شريكة في صناعة الحياة، قبل الحديث عن واجباتها . وقبل ذلك كله؛ ومن أجل وحدة الصفّ جاء التأكيد على أن مصادر التشريع والقانون بين المسلمين « كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام « وهنا على أكثر من ثلاثة ملايين ونصف من الواقفين على صعيد عرفات، وعلى أكثر من (مليار مسلم) في العالم، يشاهدون لمَسَات عَرفَات عبر الشاشات، ويتطلعون لمشاركة الحجاج روحانية عرفات، على المسلمين أجمع أن يستلموا رسائل عرفات، وأن يتخذوا منها أدوات لجَمْع الكلمة، ودفْن الفتن والخلافات . (قولوا : يا رب)، وكل (عَرَفَات) وأنتم بصحة ومَسَرّات !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة . تويتر : @aaljamili [email protected]