لقد اهتم الإسلام اهتماما كبيرا بالمرأة لأنها هي العضو الفعال في الأسرة وتوجيه الأبناء والبنات نحو الخير، ولذلك بين الإسلام كيف أنقذ المرأة من أنواع الظلم والذل والحرمان التي كانت عليها في عهد الجاهلية، ثم أعطاها الإسلام حقها في الميراث، وكفل لها حماية حقوقها المادية والأدبية والمعنوية، في جميع مراحل حياتها، واعتبر مقياس مروءة الرجل بمقدار إكرامه لأهله وحسن معاملته للزوجة، وبذلك رفع شأنها في المجتمع. واستمر الإسلام في تكريم المرأة، فقد ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالمرأة ويوضح مكانتها ويبين حقوقها ويؤكد أهمية وضعها في تكوين الأسرة الصالحة، حتى أنه جعل صلى الله عليه وسلم التوصية بإكرام المرأة والعناية بها من أهم الموضوعات في خطبته في حجة الوداع. إن الآيات التي وردت في القرآن الكريم عن المرأة تعطي لها الثقة بمكانتها الحقيقية في هذه الحياة، ومنزلتها عند الله تعالى، والقدرة على الوصول إلى درجات عالية في العلم والعمل في كثير من المجالات لخير البلاد وتقدمها وازدهارها. ويذكر القرآن الكريم الصفات الحميدة والأعمال الصالحة وأمور الدين الرئيسية، ويفرد الصفات صفة صفة، فإذا وصف الذكور بها وصف الإناث بنفس الصفة، حيث يقول الله تعالى: «إن المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، والقانتين والقانتات، والصادقين والصادقات، والصابرين والصابرات، والخاشعين والخاشعات، والمتصدقين والمتصدقات، والصائمين والصائمات، والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيرا والذاكرات، أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما». هذا الفضل العميم من الإسلام على المرأة، وهذا التكريم لمقامها، وهذا التوجيه لها، كفيل بتقوية الهمة عندها، والثقة بنفسها ورفع معنوياتها، وتشجيعها على التمسك بجميع التعاليم التي وردت بشأنها في القرآن الكريم الذي رد إليها الاعتبار لتعيش معززة مكرمة في رعاية الإسلام الذي يريد لها الخير والسعادة في الدارين. ولا شك في أنه كان لهذه التعاليم أثر كبير في حياة المرأة المسلمة، وقدرتها على أداء الواجبات نحو الأسرة ونحو المجتمع ونحو الوطن. ولذلك نقرأ في التاريخ الإسلامي في سير النساء، عن أمجاد النساء المسلمات المشاركات مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات، وعن جهود العالمات الداعيات، المعلمات المربيات، الأديبات المؤلفات، الراويات للحديث والحافظات للقرآن الكريم، اللاتي قضين حياتهن في طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأنجبن أبناء صالحين وبنات صالحات، قدموا خدمات جليلة لخير الإسلام والأوطان والإنسانية، وبذلك أعطين للعالم صورة صادقة مشرفة عن مكانة المرأة ودورها في الإسلام. وفي هذا العصر، عصر تقدم العلوم والحضارة، حصلت المرأة السعودية على المزيد من حقوقها، وأخذت تشارك الرجل في كثير من مجالات العلم والفكر والعمل والإنتاج، بحيث عملت أخواتنا في وظائف مختلفة، مدرسات وموظفات، طبيبات ومهندسات، أديبات وكاتبات، باحثات وعالمات، وأستاذات في الجامعات، وغير ذلك من الوظائف، وقد أثبتن وجودهن في العطاء بكل جدارة، ثم حصلت المرأة السعودية في السنوات الأخيرة على حقوق أخرى من حقوقها، وكان من حقها أيضا أن تشارك الرجل في الرأي بمناقشة أمور كثيرة، ومن هنا جاء القرار الحكيم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- بمشاركة المرأة في مجلس الشورى، وبذلك أصبح لها دور أوسع لإعطاء الرأي في شؤون الأسرة بصفة خاصة وشؤون المجتمع بصفة عامة. يقول الله تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» وهي قادرة -بإذن الله تعالى- على تحمل المسؤوليات وأداء الواجبات، بالتفاهم والتشاور مع الرجل. نسأل الله القدير أن يكتب لها التوفيق.