ليت الذين يستندون على بعض النصوص الواردة ضمن الحديث النبوي الشريف لتدعيم خطابهم الداعي إلى إقصاء المرأة وتحقيرها والتوجس منها، يقفون ولو قليلاً أمام الكثير من النصوص القرآنية التي تساوي بين المرأة والرجل على صعيد التكليف، ثم على صعيد ممارسة الأدوار الاجتماعية المناطة بالطرفين على حد سواء. يقول الله سبحانه: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) التوبة. فضلاً عن ترسيخها لفكرة المساواة في التكليف، فإنها تؤسس لشكل العلاقة القائم على التعاون بين الجنسين بغرض خلق مجتمع يسوده التكافل، وتتسيده القيم الأخلاقية الرفيعة. وقد وضعت الآية الكريمة آليات محددة لبلوغ تلك الغاية، تأتي في مقدمتها ممارسة شعيرة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر التي كُلف بأدائها الرجال والنساء على حد سواء، حسب ما ورد في النص. وفي نفس السياق وردت العديد من النصوص الأخرى: (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم) التوبة. (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا) الأحزاب. (ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورًا رحيمًا). الأحزاب. (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) الحديد. هذه مجرد أمثلة من بين الكثير من الآيات القرآنية التي ساوت بين الرجال والنساء على العديد من الأصعدة. ولو انتبهنا إلى أداة العطف التي كانت تفصل بين كلمتي المؤمنين والمؤمنات عبر جميع الآيات السابقة، فإننا سنتيقن من حرص القرآن الكريم على تكريس مبدأ عدم التمييز بين الجنسين. ولو تأملنا في الآيات السابقة أكثر فإننا سنتيقن بأن المعيار المعترف به قرآنيًّا للمفاضلة بين الناس هو العمل الصالح وحده. يتبع.