منذ ان خلق الله الأرض وجعل الإنسان خليفةً فيها، والشر والخير موجودان على ظهرها كأي ضدّين آخرين - الجمال والقبح ,الخطأ والصواب ,النور والظلام ,الهداية والضلال - ولله الحكمة بذلك أولاً وأخيراً - ولعل الإنسان المتأمل يدرك ذلك ويدرك ان ذلك حدث مبكراً - في العائلة الأولى التي استوطنت هذا الكوكب وذلك عندما قتل قابيل أخاه هابيل بدافع الغيرة والحسد وللسبب الأهم وهو حكمة الله في خلقه ؛ في المقابل وضع الله تشريعاً سماويّاً للعقوبات الدنيويّة لتكون رادعاً قبل وقوع الجُرم ولتحفظ حقوق البشر وتعطي كل ذي حق حقه لكي تستمرّ الحياة في منأىً عن الفوضى ووفق نظامٍ ربّاني عادل خالٍ من العيوب والثغرات - ليُخمد نار الثأر بين البشر لكي لا تمتد وتحرق الأخضر واليابس من الأحياء ؛. في المملكة العربية السعودية نفخر ونفتخر أنّه لا دستور لدينا.. إلا ماوَرَد في كتاب الله وسنّة نبيّه - ففي قضايا القتل كمثال وكمدخلٍ لما أريد التحدّث عنه .. كفانا الله وإياكم التورط بإراقة ( قطرة دم ) لإنسان - أيّاً كان هذا الإنسان - في غير وجه حقّ - لأهل المقتول الاقتصاص من القاتل وفق شرع الله وذلك بطلب القصاص حدّاً بالسّيف " ولكم في القصاص حياةٌ يا أولي الألباب لعلّكم تتقون " - وهو حياةٌ حقيقيّة لمن يتأمل ويتدبّر هذه الآية العظيمة -، ولهم أيضاً الاحتساب وذلك من خلال العفو عن القاتل والاكتفاء بقبول الديَة المشروعة طمعاً فيما عند الله من أجرٍ وثواب ، وقد حدّد الشارع الديَة ب 100 ناقة - كانت إلى وقتٍ قريب تعادل مئة ألف ريال - كقيمةٍ ماديّة لا استثماريّة وفي الموضوع وجهة نظرٍ تطرّق لها بعض الاقتصاديين لا يسع المجال لذكرها هنا، المهمّ أنّ ولي الأمر رأى رفع الدية إلى 300 و 400 ألف ريال اءً على الخطأ والعمد بعد الطفرة الاقتصاديّة التي طالت كل شيء على مستوى العالم - ولكن - وكل المصائب تأتي بعد لكن - الأمر الذي حدث ويحدث ولا يزال يتكرر كثيراً في مجتمعنا هي التجاوزات المهولة في مقدار الدية مقابل العفو عن القاتل طمعاً في استغلال روحٍ بقيت.. واستفادةٍ من روحٍ ذهبت ! أي أن المسألة من وجهة نظري طمعٌ دنيويّ دافعهُ الجشَع لا أكثر - فما أكثر ما وصلت الدية إلى أضعاف أضعافها حتى بتنا نسمع ونقرأ في بعض الأحيان عن 20 مليوناً - أي ديَة أكثر من 50 قتيلاً ! - لذلك أتساءل : لماذا لا يُسَنّ قانون أرضي يحفظ ويضمن تطبيق القانون السماوي بعيداً عن الجشع وتأثيره ؟! - يُلزَم من خلاله أهل القتيل الذين رضوا بالصفح عن القاتل مقابل مبلغٍ أملاه عليهم جشعهم - " الملايين المملينة " سالفة الذكر - بالرضا اجباراً بالدية الشرعية المعتمدة . فأرواح البشر في النهاية متساوية الثمن ولا حقّ لأحدٍ أن يشترط أو يطلب ثمناً أكثر من البقيّة . لكي يتحقّق العدل الربّاني أولاً ولكي يتمّ القضاء على المتاجرة بأرواح الموتى . حتّى ذلك الحين سيتكرّر هذا المسلسل .. ولن نشاهد الحلقة الأخيرة . [email protected]