· بقدر قيمة الرجال تكون فاجعة الفقد ..و بحجم عطاءاتهم وتأثيرهم تكون مرارة فقدهم .. لذا فعندما يترجل فارس بحجم سلطان بن عبد العزيز فلا بد أن تحرك الفاجعة مشاعر كل أبناء الوطن، بل كل من يعرفه .. فالمصاب جلل ..والفقد كبير ..والخسارة أيضا كبيرة ، بفقدنا الأمير والسياسي ورجل الدولة المحنك .. وقبل ذلك كله الإنسان الذي ارتبط اسمه بالخير أينما حل.. و رمز العطاء الذي ترك بأعماله الإنسانية أثرا لن يزول من ذاكرة الناس . نعم ..لقد فجع الوطن كله برحيل قامة من قاماته السامقة.. فبرحيله فقد الوطن حاكماً نافذ البصيرة .. ومسئولا يعي دوره تجاه وطنه، وتجاه أبناء أمته .. كما فقد العطاء رمزا من أهم رموزه .. و لو كانت بيئتنا الثقافية والاجتماعية تسمح بتسجيل إنجازات الراحلين على شواهد قبورهم لاكتشفنا أننا أمام سجل إنساني ضخم له من الأعمال الوطنية و الإنسانية ما يفوق الحصر سواء دعمه الكبير للجمعيات والمؤسسات الخيرية.. ولجان إصلاح ذات البين .. أو التوسط بماله ووجاهته لعتق رقاب المحكومين وفك ضيق المعسرين .. أو دعمه اللامحدود للتعليم ومشاريع البحث العلمي و أبحاث الإعاقة ، و الإسكان الخيري.. أو إنشاءه رحمه الله لمراكز أبحاث وعلاج القلب ، ودعمه لعلاج المرضى مجانا ، فما من طارق لبابه إلا كانت اجابته رحمه الله أسرع مما كان يتصور . حكى لي احدهم انه كان يعاني من مرض نادر يتطلب علاجه تركيب جهاز طبي معقد وغالي الثمن فضلا عن عدم وجوده بالمملكة .. و لأنه لا يستطيع توفير قيمة هذا الجهاز فقد أرسل للأمير سلطان رحمه الله .. يقول الرجل : اعرف أن الأمير سلطان رجل خير لكنني لم أتوقع أن تكون الاستجابة بهذه السرعة .. ففي غضون أيام قليلة كان مندوب إحدى الشركات الطبية العالمية يقف أمامي في المستشفى ليبلغني أن أوامر الأمير قد صدرت بوضع كل إمكانات الشركة تحت تصرفي و إكمال علاجي مهما بلغت قيمته على نفقة الأمير . قليلون هم أولئك الذين يتركون أثراً بحضورهم أو برحيلهم.. لكنه ( سلطان ) المؤسسة الخيرية المتحركة الذي كان يتلذذ بمساعدة الفقراء .. و مسح دموع الأيتام .. ومواساة الأرامل والمساكين وقضاء الدين عن المعسرين..انه نهر الخير و العطاء ..ويد الإحسان الممتدة دوما لقضاء حوائج الناس . يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «رأيت قوماً من أمتي على منابر من نور، يمرون على الصراط كالبرق الخاطف ، نورهم تشخص منه الأبصار، لا هم بالأنبياء ولا هم بالصديقين ولا هم بالشهداء، إنهم قوم تقضى على أيديهم حوائج الناس» . اللهم ارحم عبدك ( سلطان بن عبد العزيز) بقدر ما قدم لوطنه و بقدر ما أعطى لأمته.. وأسكنه اللهم فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء .. وأحسن عزاءنا فيه.. إنا لله وإنا إليه لراجعون.