رحل عنّا صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود يرحمه الله تاركا خلفه قلوبا أحبته وتاريخا سيظل ينبض بعطائه. ارتبط اسمه دوما بالخير .. حتى عُرف ب (سلطان الخير) ولم يأت ذلك إلا لأن لسموه سجلا حافلا بأعمال الخير اتخذت دوما نهجا منظّما بتحويلها إلى عمل مؤسسي تشرف عليه جهات خيرية متخصّصة؛ تنظيماً لأعمالها ووضعا لخططها و ضماناً لاستمرارها. من أبرزها: مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية : هذه المؤسسة غير الربحية التي تقدّم الرعاية الاجتماعية و الصحية، والتأهيل الشامل لذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين. وتسعى لتحقيق ذلك من خلال عدد من المشروعات أبرزها: مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية التي تُعد من أكبر مدن التأهيل الطبي في العالم، إذ تضم مركزاً متكاملاً للفحوص الطبية، و المخبرية، والإشعاعية، وغرفاً للعمليات ، ومركزاً للتأهيل الطبي. ومركزا لتنمية الطفل، والتدخل المبكر لمساعدة الأطفال الذين لديهم اعتلال في النمو، أو مشاكل صحية معقّدة. هذه المدينة التي تعدّ مفخرة وبصمة متميزة. بالإضافة إلى لجنة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخاصة للإغاثة. التي تقوم بتسيير قوافل الإغاثة والخدمات الطبية العامة لمكافحة الأمراض الشائعة. بالإضافة إلى العديد من المشروعات التنموية والاجتماعية والصحية. هذه اللجنة التي أتى ميلادها من لفتة إنسانية متميّزة من سموّه يرحمه الله إذ عرضت إحدى الوكالات الإخبارية صورة امرأة مسنّة في مكان ما من العالم ، كانت تحفر بيوت النمل لتحصل منها على ما يدّخره النمل من حبوب لتأكلها مع أولادها من فرط جوعها . و بؤس حالها وعندما شاهد الأمير سلطان يرحمه الله تلك الصورة أمر على الفور بتشكيل فريق لتقصّي الحقائق وتحديد ما يمكن فعله تجاه هذه المرأة وأمثالها وانطلاقا من هذا كان ميلاد «لجنة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخاصة للإغاثة». لم يكن هناك مجال يمكن أن يصل إليه دعمه يرحمه الله إلا وقدّم إليه ما يحتاجه. هذا بالإضافة إلى اهتمامه بالمجال العلمي والبحثي. إذ كان لإيمانه بأهمية البحث العلمي ودوره في خدمة الإنسانية دور كبير في دعم سموه للعديد من المشروعات العلمية والبحثية داخل البلاد وفي دول العالم . بالإضافة إلى دعم سموه يرحمه الله ورعايته لعدد من الكراسي والبرامج والجوائز العلمية. كما أنفق صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز يرحمه الله على مشروع الموسوعة العربية العالمية من أمواله الخاصة خدمة للعالمين العربي والإسلامي ومساهمة منه في نشر العلم والمعرفة. إن الحديث عن رجل بحجم الأمير سلطان بن عبد العزيز يرحمه الله حديث يطول ويتشعّب ويتفرّع ويمتدّ بامتداد حجم عطائه الذي ضرب سهما في كل مجال . لذا يظل صعبا أن يستطيع أحد أن يكتب عن أعماله يرحمه الله ومساهماته وحضوره اللافت والمتميّز. وما أسطره هنا ليس رصدا لمناقبه .. فحياته كانت حافلة بالعطاء حتى غدا رمزا للكرم والعطاء وعُرف وجهه دوما يرحمه الله بابتسامته الدائمة اليوم وقد رحل .. لا نملك سوى أن ندعو له بالرحمة .. وأن نواسي أنفسنا بأنه وإن رحل .. فأثره بيننا موجود .. وعطاؤه مستمر ممتد. ومحبته في قلوب من أحبوه باقية دائمة.