توكل كرمان بنت ال 32 ربيعًا، تنحدر من أسرة ريفية من مديرية شرعب السلام في محافظة تعز، جنوب غرب اليمن، وفدت أسرتها مبكرًَا إلى صنعاء مهاجرة كغيرها من الأسر اليمنية التي تتوجه نحو العاصمة، وأول المتاعب التي جابهت توكل كرمان عقب نيلها جائزة نوبل للسلام، كانت أمس الأول الثلاثاء في مطار صنعاء الدولي، حينما كانت في طريقها إلى الخارج في مهمة عمل.. فأخذ الأمن القومي -جهاز الاستخبارات- جوازها، ولم يُعِدْه إليها، وأراد منها الصعود إلى الطائرة والسفر بدون جواز، فيما اعتبره البعض محاولة لنفيها حتى لا تستطيع العودة إلى اليمن بعد ذلك، وتصبح بلا دليل على هويتها.. لكن توجيهات عُليا من الرئيس صالح صدرت لاحقًا لسلطات مطار صنعاء بسرعة إعادة جواز السفر، والسماح لها بالمغادرة والعودة متى ما أرادت ذلك.. هي ابنة القانوني والسياسي والوزير السابق، عبدالسلام خالد محمد كرمان، ومثلما كان أحد مؤسسي حركة الإخوان المسلمين في اليمن.. فهو من مؤسسي حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وظل ينتسب إليه منذ التأسيس في عام 1981م، إبان حظر الحزبية في اليمن، وحتى قيام الوحدة اليمنية عام 1990م، حيث أشهر حزب التجمع اليمني للإصلاح، فكان كرمان أحد قياداته.. لكنه عاد وخرج منه ليعود إلى حزب المؤتمر، دون أن يعلن عن ذلك، أو يعرف أحد بذلك، إلاّ عندما أعلن هو في ثاني يوم من حصول ابنته توكل على جائزة نوبل للسلام. حينما أثار حضوره استغرابًَا لدى أعضاء مجلس الشورى، الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس صالح، بينما قاطع الجلسة أعضاء المجلس من حزبه والمعارضة.. حيث فاجأهم بالقول: «أنا عضو في المؤتمر الشعبي العام، وأتشرف بهذه العضوية». وشكل اسم ابنته توكل في الساحة الإعلامية والصحافية أولاً، والسياسية ثانيًا، حضورًا متميّزًا، فرغم ميولها الإسلامية، وانتماء والدها إلى التيار الحزبي الإسلامي، إلاّ أن توكل ظهرت قبل عشر سنوات كصحفية من خلال كتابتها مقالة الرأي التي تهاجم وتنتقد فيها سياسة النظام في صحيفة «الثوري» الناطقة باسم الحزب الاشتراكي اليساري، وحينما بدأ نجم توكل يسطع في سماء الإعلام والأنشطة الحقوقية والسياسية، أراد استغلال ذلك بما يخدم توجهاته، ليصعدها إلى عضوية مجلس شورى -اللجنة المركزية للحزب- لكن اتضح فيما بعد أن توكل أكبر من أن يستوعبها حزب، أو تيار سياسي. واشتهرت توكل بمواقفها المناوئة للسلطة، وقادت في سياق ذلك اعتصامات دورية أمام مجلسي الوزراء والنواب، وأسست تجمعًا بساحة الحرية أمام مقر الحكومة، للاعتصام كل ثلاثاء بالتزامن مع الاجتماع الأسبوعي للوزراء للمطالبة بإطلاق الحريات الصحفية والإعلامية، وكذا التضامنية مع مهجري الجعاشن، وأخيرًا تصدرت قيادة المظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الرئيس صالح، وتعرضت للاعتقال مرتين. جراء ذلك، وعندما لم يسمح لها بالمسيرات، ووجهت بالعنف، أسست تجمعًا بساحة التغيير أمام جامعة صنعاء للاعتصام، ولا يوجد تحرك حقوقي أو مسيرات إلاّ وانضمت توكل إليها. قال عنها والدها بمناسبة نيلها الجائزة: رغم أن ابنتي توكل، وحتى لا أثير حساسية البعض سأسميها «س» قد خرجت قليلاً عن لياقة الخطاب تجاه ولي الحاكم.. لكنها حازت على جائزة، هي اليوم فخر ليس لليمنيين فحسب، وإنما للعرب والمسلمين. واضاف والد توكل: «نأمل منها أن تكون حمامة سلام في جمع الفرقاء السياسيين في اليمن وتجنيب البلاد أتون الصراعات والحرب الأهلية المحتملة»..