مثلما كان لافتاً حضور المرأة اليمنية في المدرجات خلال بطولة "خليجي 20" التي أقيمت في عدن أواخر العام الماضي بدا لافتاً ومثيراً للاهتمام حضور النساء اليمنيات في التظاهرات المطالبة برحيل الرئيس صالح والتظاهرات المؤيدة له. وقبل عدة سنوات، كانت الأسر اليمنية تقبل على مضض خروج النساء في المواسم الانتخابية للاقتراع، أما اليوم فأصبحن حاضرات في الاعتصامات والتظاهرات من الصباح الباكر حتى وقت متأخر من الليل. وباتت ابنة وزير يمني سابق وعضو حالي في مجلس الشورى توكل كرمان الأكثر شهرة على الإطلاق، كونها تصدرت الحركة الشبابية الاحتجاجية المطالبة بالتغيير وإسقاط النظام. وبدأ ظهور توكل كرمان، والتي تنتمي إلى عائلة تنتمي إلى الحركة الإسلامية، من خلال مقالات سياسية ساخنة وجريئة في الصحيفة الناطقة بلسان الحزب الاشتراكي وهي مفارقة لكاتبة إسلامية في صحيفة يسارية، ثم تحولت إلى ناشطة حقوقية عبر تأسيسها لمنظمة صحافيات بلا قيود. وعلى مدى نحو ثلاث سنوات مضت، دشنت توكل حركة الاحتجاجات الصغيرة الحجم والمطالب بالاعتصام كل يوم ثلاثاء، أما مجلس الوزراء اليمني ومعها عدد قليل من الصحافيين والحقوقيين حيث سمّوا ذلك المكان بساحة الحرية، كان كل ما ترفعه ومن معها من مطالب يتعلق بحالات فردية مثل قضية "شيخ الجعاشن" وهو شيخ قبلي متهم باضطهاد وتشريد عدد من الأسر التي تدين بالطاعة والولاء له، أو الاعتصام مع صحافي اعتقلته الأجهزة الأمنية بسبب قضايا أو تهم معينة. وفي بداية التظاهرات الاحتجاجية الأخيرة تعرضت توكل كرمان للاختطاف من قبل عناصر أمنية، حيث اقتيدت إلى سجن تابع للداخلية ما أثار ضجة كبيرة واستنكاراً شعبياً واسعاً أجبر السلطات اليمنية على الإفراج عنها خلال أقل من 24 ساعة ظن وزاد ذلك من شعبيتها وحجم التعاطف معها. وعلى مدى الأسابيع الماضية التي شهدت تظاهرات حاشدة في مختلف المدن اليمنية، كانت تظهر توكل كرمان على منصة خشبية في ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء لتلقي خطابات وبيانات ينصت لها مئات الآلاف من المتظاهرين، وبدل أن كانت في الاعتصامات المتواضعة كل ثلاثاء أمام مجلس الوزراء تنادي برحيل الشيخ القبلي "شيخ الجعاشن" أصبحت تهتف ويردد معها الحاضرون: "إما أن ترحل أو ترحل وخيار ثالث أن ترحل وخيار آخر أن ترحل"، والمقصود هنا ليس شيخ الجعاشن، وإنما الرئيس اليمني علي عبدالله صالح. إذا سألت بعض أنصار الحزب الحاكم عنها فسيقولون لك إنها تقبض مقابل تحركاتها تلك أموالاً من السفارة الأمريكية ومن منظمات دولية تحت غطاء منظمتها غير الحكومية، وأنها واحدة من أدوات تنفذ أجندة خارجية تستهدف زعزعة استقرار وأمن اليمن، وإذا تحدث عنها محبوها من الشباب المتظاهرون فسيقولون لك إنها مثل ملكة سبأ بلقيس التي سجلت تاريخاً ناصعاً للمرأة اليمنية في الحكم وامتثال الرجال لأوامرها وفي نهج التحرر والديمقراطية والشورى التي تحدث عنها القرآن الكريم، أما المحايدون فيصفونها بالمرأة الجريئة التي كسرت حاجز الخوف بالنسبة للمرأة اليمنية. ولدت توكل كرمان التي عام 1979 ومسقط رأسها مديرية شرعب المعروفة بالعنف والقوة وفي محافظة تعز التي هي الأكثر ثقافة ووعياً في تصنيف المحافظات اليمنية جمعت بين بيئة القوة في مديريتها والثقافة في محافظتها لتشكل نسيجاً من الجرأة والنضال السلمي. وتخرجت كرمان في جامعة العلوم والتكنولوجيا، وهي جامعة تتبع التجمع اليمني للإصلاح، بصنعاء بكالوريوس تجارة عام 1999 بتقدير جيد جداً، وبعدها حصلت على الماجستير في العلوم السياسية وتحمل دبلوم عام تربية بتقدير جيد جداً في عام 2000 من جامعة صنعاء، إضافة إلى دبلوم كامبردج في اللغة الإنجليزية وآخر في البرمجة اللغوية العصبية. وشاركت في دورات خارجية أهمها دورة في التحقيق الصحافي من وزارة الخارجية الأمريكية، وفي حوار الأديان حوار الدين والمجتمع، وتحمل عدداً من العضويات في مؤسسات مدنية محلية وعالمية، أبرزها عضو نقابة الصحافيين اليمنيين وعضو اتحاد الصحافيين العرب وعضو اتحاد الصحافيين العالميين وعضو صحافيين لمناهضة الفساد (YEMENJAC) وعضو المنظمة الدولية للصحافة (IRE) وعضو مؤسس منتدى (WANA) لدول غرب آسيا وشمال إفريقيا وعضو منظمة الخط الأمامي FRONT LINE وعضو منظمة العفو الدولية. وكرمتها السفارة الأمريكية لشجاعتها ومنحتها جائزة الشجاعة، كما تم اختيارها من قبل منظمة مراسلون بلا حدود الدولية كواحدة من سبع نساء كبار الذين أحدثوا تغييراً في العالم، وأخرجت العديد من الأفلام الوثائقية حول حقوق الإنسان والحكم الرشيد في اليمن، منها فيلم دعوة للحياة حول ظاهرة الانتحار في اليمن وفيلم المشاركة السياسية للمرأة في اليمن وفيلم تهريب الأطفال في اليمن.