... من كل مكانٍ يأتيني الماء.. يأتي.... بااارد القلب.. من كل صوب وحدب.. أحاولُ دفعهُ عن فمي.. أبدًا.. دون جدوى! عاجزٌُُ حتى عن دفع ماء..!! يتراءى لي الآن وجه ابني الصغير.. أُخبط بكلتا يدي.. تزداد فوضاي في نفسي؛ حتى قدماي عن التجديف إلى الأعلى عاجزة.. ياااااه.. أيُ ضعفٍ يعتريني؟! عالقةٌ بما يشبهُ شبكًا حديديًا كثيف.. يموج.. يُمسك به ربما حجر هذا ما أشعره..! ربما شُعب مرجانية.. تتخطفني.. لا أعرف!! ينفتح فمي باتساع غريب... هذا الذي لم أعهده قد تجلى بهذه المساحة في حياتي.. ابتلع كمية كبيرة من المياه.. دُوارٌ لا قِبلَ لي به.. يُقدِم، أشياءٌ تشبه الحياة، تعبر.. تمورُ بي المياه مورا تعلو من أعماقي القصيّة.. صرخة.. كفيلة بإيقاظ نائم يغطُ في أقصى الأرض.. أشعرُ بالصرخة.. تضجُ في المجرة، ترتد..؛ فكأنها لم تخرج من كوني وحدي.. حزينة لا أحد يسمعها يتكئون على طرف الشاطئ.. يتبادلون الضحكات الفارهة.. المبللة بالأنس؛ عيناي تحاول سرقة شيء من الحياة من بين لحظاتهم.. انخفض إلى الأسفل رغمًا.. وجهُ أمي يلوح لي كبيرًا جدًا في الأفق... إني أراها الآن بمعطفها الحريري اللؤلؤي اللامع.. تبتسمُ لي.. يأتي وجهها ويختفي كوميض.. يجلسون بعيدًا جدًا عني.. ليتني الرصيف.. السيارات من خلفهم تمر على الطريق.. وتمضي الكلُ منشغلٌ بمصافحة الحياة بيني وبينهم آلاف الأميال من الشوق رفيقة العمر..: اهدي لي بنظرة.. بصوتٍ.. بأنّة.. الماءُ مرةً أخرى.. ها هو يُقابلني بوجهه الحجري.. لا تتضح لي الرؤية.. كأني ألمحُ المنقذ بزِيهِ البرتقالي المعهود.. يلهو مع آخرين تعود الدوامة.. أشهق... تسحبني الأعماق إليها.. كوحشٍ ليلي يجر برجل فريسة، شعري المبلل يغطي نصف الجزء العلوي من وجهي والعينين أهدابي بفعل الماء ملتصقة ببعضها بحميميةٍ نادرة، وبين المنفصلات منها غشاءٌ مائيٌ هلاميٌ شفيف.. شفتاي متوترة كقلب رضيع حديث الولادة أخافهُ الجوع، شفتاي بين شهيق أشبه بريح عاتية وزفير أسخن من انبعاثات فوهة بركان.. ملّ التثاؤب القلبُ في فوضى عارمة.. يكبلهُ خوفٌ كارثيّ يا سعيد.... سعي.... س.. يمر سعيد.. بجانب الساحل مع صديق.. يرمي بنظرة تجاهي وافقت النظرة لحظة انغماس رأسي في الماء.. ظنني أتمتع.. لحظة مدافعتي للمياه باحثًا عن قفزة صوب السطح؛ توارى.. لم ينتبه.. مُنذُ ذلك الحين وأنا لا أُصافح البحر.. إلا نظرًا.