تبدو إيران، وكأنّها دولةٌ خارج هذا الزمان، وتبدو حالة العزلة التي تسعى الولاياتالمتحدة، وقطاع كبير من الأسرة الدولية لفرضها على طهران، وكأنّها حالة تسعى إليها إيران، بسلوك غير مسؤول، وبإدارة لا تستوعب مقدار التحوّلات الإقليمية والدولية، ولا اتّجاهاتها. وبينما تشن إيران حملة إعلامية ضد جارتها تركيا احتجاجًا على نصب قاعدة رادار تابعة للناتو للتنبؤ بهجمات صاروخية محتملة ضد دول وأهداف في وسط أوروبا، ومنطقة الخليج، نراها منخرطة في الوقت ذاته في برنامج يستهدف إحكام قبضتها على العراق من خلال دعم فريق عراقي بعينه ضد غيره من سائر القوى في العراق، بينما تعد خططًا لعمليات تستهدف نشر الفوضى في إقليم الشرق الأوسط، إذا ما سقط حلفاؤها في سوريا. وأخيرًا نرى، ونسمع، ونتابع تقارير جهات رسمية أمريكية عن إحباط محاولة إيرانية لاغتيال السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير، في مسلك يشير إلى أن حكام طهران، أو ذلك الجناح من النخبة الحاكمة هناك باتوا بالفعل معزولين عن العصر، يفكرون بأساليب عفا عليها الزمان، ويغامرون بحماقات قد تكلف مرتكبيها ثمنًا باهظًا لا قِبل لطهران المعزولة دوليًّا أن تتحمّله. لقد احترمت المملكة دومًا علاقات حُسن الجوار، وحرصت دائمًا على الالتزام بمبدأ لم تحدْ عنه، هو أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، ولا تسمح لأي دولة بالتدخل في شأنها الداخلي، ومع ذلك، وبرغم سنوات من الصبر، والحلم، والأناة، إزاء استفزازات طالت محاولة تعكير صفو الأمن الإقليمي، ومحاولة استهداف المملكة، والعبث بأمنها، إذا بالنظام في طهران يفقد صوابه، ويمضي في غيّه ساعيًا، ومخططًا، ومموّلاً -بحسب تقرير وزارة العدل الأمريكية- لجرائم تستهدف سفير خادم الحرمين الشريفين في واشنطن، غير مبالية باتفاقيات دولية تلزمها باحترام سيادة الدول، وسلامة بعثاتها الدبلوماسية. لا نظنُّ إلاّ أن ما كشفه بيان وزارة العدل الأمريكية بشأن جريمة محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، هو مسلك جناح في السلطة بطهران، لا يمكن أن يعبّر لا عن ثقافة الأمة الفارسية، ولا عن حضارتها، ولا عن إدراكها المفترض لأهمية احترام مبادىء حُسن الجوار. نقول لطهران إن هذا المسلك لا يليق بدولة عضو في الأسرة الدولية، ولا يمكن القبول به، أو السكوت عنه، ونذكّر الشعب الإيراني الشقيق، بأن مَن يسعون عنده من أهل السلطة لإفساد علاقات الجوار، إنما يسمّمون بئرًا يشرب منها الشعب الإيراني كله.