تبدو المحاولة الفاشلة لاغتيال سفير المملكة لدى واشنطن عادل الجبير، وكأنها عمل صبياني لا يعكس أي مستوى من الاحتراف، أو التدبير، لكنها كما تؤكد مصادر أمنية أمريكية «محاولة حقيقية» أمكن رصد مقدماتها وتسجيلها وتتبع خطوط الاتصال فيها، الأمر الذي يعكس فداحة مأزق النظام القائم في طهران، فالتخطيط للجريمة يكشف ميول واتجاهات الشر لدى النظام، لكن التخطيط العبثي لها على النحو الذي جرى به، يكشف هو أيضًا مقدار السذاجة والتخطيط والتدبير لدى من سعوا في طهران لارتكاب مثل تلك الجريمة «الخرقاء». ومن الطبيعي أن يثير القلق وجود ميل حقيقي في طهران لارتكاب أعمال عدائية ضد دول الجوار العربية، لكن ما يثير القلق أكثر هو تدني مستوى وقدرات القائمين على التخطيط والتنفيذ لتلك السياسات، وكما يقول المثل العربي فإن «عدو عاقل خير من صديق جاهل» فما بالنا وقد انحازت السياسة في طهران على مدى أكثر من ثلاثين عامًا الى جانب خيار العداء لجيرانها العرب، ثم انحازت داخل خيار العداء إلى خيارات خرقاء، قد تقود المنطقة والعالم معها إلى أجواء عنف وإرهاب وحرب. جريمة محاولة اغتيال السفير السعودي عادل الجبير في واشنطن على النحو الذي كشفته جهات التحقيق الأمريكية، تفضح نوايا طهران، وتعصف بفرص التعايش بين نظام الملالي في إيران وبين المجتمع الدولي كله، وتضع الشعب الإيراني الشقيق أمام مسؤولياته عن محاسبة حكامه، وإنقاذ ما تبقى من فرص للتعايش السلمي بين إيران الدولة والشعب و بين جيرانها في المنطقة. الالتزام بمبدأ حسن الجوار يقتضي وفاءً متبادلًا من حكومات ودول وشعوب تجاورت عبر التاريخ الانساني كله، ولقد التزمت المملكة وأشقاؤها في مجلس التعاون الخليجي بهذا المبدأ على مر التاريخ، لكن تخلي طهران عن الالتزام بحسن الجوار بكل مقتضياته، لا يدع خيارًا لشعوب المنطقة وحكوماتها من أخذ الحيطة والحذر، والرد على انحراف السلوك السياسي لطهران بما يستحقه من حزم وحسم. انتقال ملف الجريمة الإيرانية الى مجلس الأمن الدولي هو أول الخطوات باتجاه الرد الدولي المناسب، على تصرفات طهران الخرقاء، بعدما فقد الملالي صوابهم بتداعي تحالفاتهم الإقليمية، وتراجع مكانتهم وانحسار قدرتهم على التأثير والتغيير، ولا شك لدينا في أن رد الأسرة الدولية على الجريمة الإيرانية سيكون صاعقًا.