هذه العبارة الطريفة الساخرة قد تكون متحاملة أو غير منصفة ودقيقة بشأن الرجل، ولكنها أتت على جانب لا يمكن إنكاره بخصوص الأنثى وهو ميلها للمبالغة في التجمّل والزينة . ونقول لا يمكن إنكاره لأن كثيرا من الدراسات والأبحاث العالمية تعدّ تجارة مستحضرات التجميل من أبرز القطاعات التي تحقق أعلى المكاسب، وتذكر الأرقام أن نسبة الأرباح في هذا القطاع لا تقل عن 300 % خلال الأعوام الأخيرة. و تشير إحصائيات أخرى إلى أن النساء العربيات من أكثر نساء العالم استهلاكاً لمستحضرات التجميل. وكشفت إحدى الدراسات الحديثة عن حجم الإنفاق الضخم على تلك المستحضرات في الخليج تحديداً ! فالمرأة الخليجية تنفق 107 مليارات دولار سنوياً على تلك المنتجات. والله سبحانه خلق الأنثى وأودع في تكوينها وخلقتها الميل الفطري للتزيّن والجمال لذا فهي مجبولة بطبعها على التعلّق بهذه المسائل لإرضاء أنوثتها وإبراز جاذبيتها وجمالها. وإن كان للتجمّل دوافع مهمة أو نتائج إيجابية حيث يعزز ثقة المرأة بنفسها، فإنه يصبح مستحبا أيضا في حال تزين المرأة لزوجها لتسعده وتستميل قلبه وتعفّه عن النظر لغيرها. وكما أن الاعتدال والاتزان مطلوب في كل شيء فكذلك أمر التجميل بالنسبة للمرأة، يحب أن يبقى في حدوده المعقولة والطبيعية فلا تقصر فيه المرأة وتهمله وتزهد في الاهتمام بمظهرها ولا تبالغ فيه وتجعله أساسا في حياتها فتهدر عليه من الوقت والمال الشيء الكثير، فأصل الزينة المحافظة على النظافة الشخصية مع الحرص على بعض اللمسات الجمالية التي تضفي على المرأة بهاءً ورونقا دون أن تحولها إلى مهرج أو دمية، أو لوحة صارخة الألوان لرسام مبتدئ !! فالأساس أن تستشعر المرأة أن الجمال يكمن في داخل الإنسان وحقيقته وسمو أخلاقه ونبل جوهره، وأن الاهتمام أولا ينبغي أن ينصرف لبناء الشخصية وإثرائها بالقيم البنّاءة والارتقاء بالفكر . كما عليها أن تدرك كمسلمة أن هناك ضوابط للزينة وأحكاما شرعية، وأوامر ونواهي فلا تحاول ابتذال جمالها أو عرضه أمام الجميع. ولعلّ من أهم أسباب إسراف المرأة في شراء أدوات التجميل هو النزعة الاستهلاكية المنتشرة للأسف في المجتمع عامة ولدى المرأة خاصة، ثم الشخصية الهشة لدى بعض النساء حيث سطحية التفكير والشعور بالنقص وعدم امتلاك مفهوم صحيح وإيجابي عن الذات . وقد يكون أيضا للنظرة الذكورية الشائعة والمغلوطة دور كبير للوقوف وراء هذه الظاهرة السلبية والخطيرة من الاستهلاك الأعمى لمنتجات التجميل عند المرأة، إذ يترسخ لدى الأنثى ويتضح لها تقديس الرجل للجمال الخارجي وانبهاره بصور الفنانات والمذيعات مما يضطر الأنثى للدخول في معركة غير عادلة للمنافسة مع أولئك الأخريات . كذلك لا يخفى دور الإعلام ووكالات الدعاية والإعلان وشركات التجميل في الدفع بالمرأة في اتجاه الاستهلاكية والانكباب الأعمى على شراء وملاحقة الموضة وكل جديد في عالم التجميل والزينة. أخيرا بصرف النظر عن المضار الصحية والخسائر الطائلة في الوقت والجهد والمال الناتجة عن المبالغة في امتلاك المساحيق وأدوات الزينة، إلا أن الأنثى عليها أن تؤمن أولا وأخيرا أن الجمال الدائم والأكثر إشعاعا هو جمال الذات حيث ترتقي الروح بتهذيبها وتربيتها وتزيينها لتعكس جمالها وفتنتها من الداخل إلى الخارج فتخطف الألباب، وتأسر القلوب قبل الأبصار . باحثة إسلامية *