زراعة عسير تطلق فعالية خيرات الشتاء    «القاضي» يتوج الألماني «غونتر» بالجولة الثالثة من سباق جدة إي بري    وزير الرياضة: نتطلع لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية" نيوم 2029″    بعد تألقه مع النصر.. دوران يحظى بإشادة كولومبية رهيبة    إطلاق مبادرة «لحومنا آمنة» في خميس مشيط    الهلال يتعثر في الرياض    زيلينسكي: لن أجتمع ببوتين إلا في وجود خطة مشتركة مع أميركا وأوروبا    وزير الخارجية يلتقي عضو مجلس الشيوخ الأمريكي فان هولين    المملكة تتسلّم علم استضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية العاشرة "نيوم 2029"    القبض على بنغلاديشي ومواطن في القصيم لترويجهما «الإمفيتامين»    هيئة فنون العمارة والتصميم تحتفي بمرور 5 أعوام على تأسيسها    الترجمة والذكاء الاصطناعي بين دقة التقنية ولمسات المترجم البشري    العروبة يتغلّب على الخلود بثنائية في دوري روشن للمحترفين    الشركة السعودية للكهرباء تنجح في إصدار صكوك دولية ثنائية الشريحة بقيمة 2.75 مليار دولار تشمل شريحة خضراء    الأمير عبدالإله بن عبدالرحمن آل سعود يزور معالي الشيخ علي بن شيبان العامري    جمعية أسر التوحد توقع مذكرة تفاهم مع شركة رانج لتعزيز التعاون الإعلامي والتسويقي والمعارض    غوارديولا: أكانجي سيغيب لفترة تتراوح بين ثمانية وعشرة أسابيع    عبور 60 شاحنة إغاثية سعودية جديدة لمساعدة الشعب السوري منفذ نصيب الحدودي    مدير الشؤون الإسلامية يجتمع بمنسوبي الفرع ويناقش تجهيزات المساجد لاستقبال شهر رمضان المبارك عبر البث المباشر    إعادة النبض لمعتمر باكستاني في الحرم المكي    «البيئة» ترصد هطول أمطار في 7 مناطق.. والرياض تسجّل أعلى كمية    رئيس هيئة الغذاء والدواء يبحث فرص الاستثمار مع ممثلي شركات طبية أمريكية    منصة توقيع الكتب.. تجربة فريدة في معرض جازان للكتاب 2025    السعودية تشيد بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الأميركي والروسي    السعودية ضمن أكبر 10 أسواق عالمية في تخزين الطاقة    إمام وخطيب المسجد الحرام: اتركوا أثراً جميلاً في وسائل التواصل.. لتبقى لكم بعد مماتكم    خطيب المسجد النبوي: الذنوب تمحى بالاستغفار ما لم تبلغ الكفر والشرك بالله    الهيئة الملكية لمدينة الرياض: 18 مليون مستخدم لقطار الرياض منذ افتتاحه    ألمانيا: السلام الزائف لن يجلب الأمن الدائم    منفذ الوديعة: إحباط تهريب 17 ألف حبة «كبتاجون» و4 كيلو حشيش    «سلمان للإغاثة» يختتم 3 مشاريع طبية تطوعية في دمشق    اجتماع فرع هيئة الصحفيين السعوديين في جازان    لماذا عادت طائرة وزير خارجية أمريكا المتجهة إلى ألمانيا ؟    (رسالة مريض ) ضمن مبادرة تهدف إلى تعزيز الدعم النفسي للمرضى.    ارتفاع أسعار النفط    هدية مجهول في عيد الحب تتسبب في مقتل فتاة    اعتزال الإصابة    «غير النفطية» سجلت 40 % من الإيرادات.. و115 ملياراً إجمالي العجز    فنون أبها تختتم ليالي الفوتوغرافيين الشتوية    إلياس وبخاري يتقبلان التعازي في فقيدتهما    الرياض تحتفي بإبداعات عمر خيرت في ليلة تاريخية    جودة الحياة في ماء الثلج    الرئيس ترمب.. لا تخسر أصدقاءك وحلفاءك!    منع المقدسيين من رخص البناء والتوسع في هدم منازلهم    العنوسة في ظل الاكتفاء    لماذا التشكيك في رجاحة عقل المرأة..؟!    القوة الجبرية للمتغيب عن جلسات القضايا الزوجية    في يوم النمر العربي    محمد بن فهد.. ترحل الأجساد وتبقى الذكرى    عطني المحبة كل المحبة.. عطني الحياة..!    ذاكرة التاريخ ونسق الثقافة والجغرافيا    أيهما أسبق العقل أم التفكير؟    مدير عام تعليم مكة يدشّن المعرض الفني واحتفالية يوم التأسيس    إحتفال قسم ذوي الإعاقة بتعليم عسير بيوم التأسيس السعودي    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية "إطعام"    الحلم النبيل.. استمرار للمشروع السعودي    سعود بن خالد رجل من كِرَام الأسلاف    ثمن المواقف الأخوية الشجاعة للسعودية والأردن ومصر.. الرئيس الفلسطيني يشدد على اعتماد رؤية سلام عربية في القمة الطارئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحم الله الرِّجال
نشر في المدينة يوم 04 - 10 - 2011

تعودت أقلام بعض الكتاب أن تكتب عن فضائل الراحلين من أصحاب المناصب، وأرباب الشهرة من رجال أعمال وكتاب وأدباء وشعراء.. في حين أنها تتحاشى الكتابة عن أقرب الناس لها ممن لهم فضل عليها خشية الاتهام باستغلال مساحة القلم لأمور شخصية، لكنّي أرى أن هؤلاء الذين كانت لهم أيادٍ بيضاء على صاحب القلم، وفي حياتهم عِبَر ومواقف إنسانية يمكن أن تجعلهم نموذجاً يحتذى، هم أولى بالكتابة.
وفي مقالي هذا سأقدم نماذج لرجال كان لهم فضل علي، ولهم معي مواقف إنسانية حُفرت في القلب، وعلقت في الذاكرة ولن تبرحها ما حييت.. ففي مقابل المثل القائل: وراء كل رجل عظيم امرأة، أقول: وراء كل امرأة ناجحة رجل.
هذه النماذج المشرقة من الرجال علينا أن نبرزها حتى نسكت تلك الأفواه التي تسعى لتصدير المرأة السعودية وكأنها المرأة الوحيدة بين نساء العالم التي ترزح تحت ظلم الولي، حتى اعتقد العالم أن جميع رجال السعودية وحوش ضارية لا يُقدِّرون المرأة ولا يحترمونها، فأصبحت صورة عامة، وقاعدة ثابتة.
فالإعلام الخارجي بمختلف وسائله، نراه يحشر أنفه في قضايا المرأة السعودية وكأنها قضية عالمية مصيرية، وجعل من نفسه وصياً عليها، ومنقذاً لها فأخرجها نموذجاً للمرأة المظلومة، مسلوبة الحقوق من وليها ومن المؤسسات الوطنية، ومن الأحكام الشرعية.
اتخذوها مادة إعلامية خصبة يشغلون بها أوقاتهم ويملأون بها برامجهم ونجد النماذج السلبية للأولياء المتوحشين والظالمين هي التي تتصدر الإعلام.
والذي دفعني لكتابة هذا المقال هو رحيل عمي الحبيب يوسف عبدالكريم الظهار إلى الرفيق الأعلى يوم الأربعاء الماضي، تغمده الله برحمته وأدخله فسيح جناته، وهو آخر من بقي من رجال العائلة الكبار، فأخذت أتذكر هذا النموذج الفاضل من الرجال، وكريم معاملته لبنات أخيه، وحسن أخلاقه معهن، فهو خير نموذج لاحترام المرأة، وتقدير رأيها، وخير معين لها على سلوك دروب العلم.
بل، كم كان هيّناً ليناً عطوفاً!! كيف أنسى فضله وهو من كان يُغلق دكانه الذي هو مصدر رزقه لمدة أسبوعين أو ثلاثة ليصحبني وأختي في رحلة علمية خارج البلاد لاجتلاب المخطوطات والكتب، بل ويمكث معنا داخل المكتبات الساعات الطوال من غير تذمر أو تأفف، وكيف كان يصحبنا على الدوام من وإلى مقر عملنا بالمدينة المنورة، بكل انشراح وطيب خاطر، مواقف إنسانية عديدة لا يسع المقام ذكرها ولكنها محفورة في كل نبضة إحساس.
من قبله كان عمي محمد الظهار الذي مازلت أحتفظ له بصورة لا تبرح خيالي إذ كان مريضاً بالقلب خارجاً لتوه من المستشفى، ومع هذا لم يمانع في صحبتنا كمحرم في إحدى سفرياتنا، وقد أكبرت فيه شهامته تلك، وخجلت من نفسي وأنا أنظر إليه وهو ينزل بكل عناء من على درجات الطائرة، فأخذت أعتذر له فكان يبتسم بأنه سعيد بقيامه بهذه المهمة، عندها علمت أن المعروف كفيل بأن يمحو كل الخلافات التي بين البشر.
وفي الوقت الذي نسمع فيه عن حرمان المرأة من ميراثها، أو اختلاس ذلك الميراث لضعفها، فإن هؤلاء الراحلين الكرام قد تنازلوا طواعية عن حقهم في الميراث لبنات أخيهم تعففاً وتكرماً.
ومازال شريط نماذج الرجال الذين فهموا معنى القوامة فهماً عملياً صحيحاً يتوارد على خاطري، حتى رأيت والدي الكريم، الذي لم يتضجر قط لإنجابه ثمان بنات، بل كان يفرح بكل مولودة أنثى ويعتبرها مصدر رزق، ولم يتزوج لإنجاب الولد كما أشار عليه الكثيرون بعد وفاة ابنه الوحيد الأكبر الذي كان في الثامنة والعشرين من عمره، فتحمل بكل شرف عبء هؤلاء النسوة وحده، فلم أشهد رجلاً في حياتي يحسن معاملة النساء، ويحسن تربيتهن، ويحسن احترامهن مثله، لقد كان مدرسة وحده في فن التعامل مع النساء وفق تربيتهن.
تعلمت منه الصبر الحقيقي، والإيمان الصادق بالقضاء والقدر، من موقفه حين بلغه خبر وفاة أخي الذي توفى خارج البلاد، فلم يتلفظ إلا بقوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت.. ولا تدري نفس بأي أرضٍ تموت).
تعلمت منه الجلد، وتحمل الصعاب، وكيفية مغالبة الشدائد، والتصدي لضربات الحياة القاسية، وعدم الاستسلام لليأس، بل على الإنسان أن يرفع رأسه ويبدأ من الصفر مستعيناً بالله، وذاك حين أصابته أزمة مالية حادة إثر خلاف مع شركائه في التجارة، فكابد وكابد حتى أقام مصنعاً للموبيليا، ثم أثمرت تجارته بفضل الله.
كان يشاركنا الرأي نحن النساء حتى في تجارته، ويعملنا كثيراً من أمور التجارة، والبناء، والاحتكاك بالمجتمع، وقضاء الحوائج، وكل ما من شأنه أن يكسبنا الاعتماد على النفس، فهو يعلم أن على المرأة التي في مثل ظروفنا أن تتعلم الاعتماد على النفس، وأن تكون صلبة قوية، حتى لا تصبح عالة على أحد، لذا كان يصر على تسليحنا بالإيمان أولاً، وبالعلم ثانياً، وبالعمل ثالثاً.
لو كان بيدي لمنحت أبي أكبر جائزة عالمية في حسن تربية النساء، لكن ما عند الله خير وأبقى.
وبهذه النماذج وغيرها كثير في بلادي، يتضح أن ليس كل النساء السعوديات يعشن في الظلم والاضطهاد، نعم هناك فئة تنظر للمرأة نظرة جاهلية بعيدة عن الدين، وهذه الفئة موجودة في كل أنحاء العالم، وفي مقابلها في بلادي هناك فئات ونماذج مشرفة ومضيئة تحترم المرأة وتكرمها – رحم الله أمواتنا وأموات المسلمين وأسكنهم فسيح جناته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.