انتشرت المعاهد الصحية الأهلية في مناطق المملكة وتجاوز عددها أكثر من 122 معهدًا للبنين والبنات، ما أدى الى وجود فائض في عدد الخريجين والخريجات، ليصبح هؤلاء بدون عمل منذ سنوات وسط تأكيد العديد من الجهات الصحية باكتمال اشغال الوظائف في العديد من التخصصات الفنية الصحية للرجال تحديدا وعلى رأسها التمريض، الصيدلة، المختبرات، الاشعة، التغذية وغيرها. وتؤكد الاحصائيات ان عدد الخريجين على قوائم الانتظار يزيد على 28 الفا، نصفهم رسب في اختبارات هيئة التخصصات الصحية.. اما الناجحون فلا زالوا يبحثون عن عمل، ما استدعى الجهات الرسمية إلى العمل على إلزام هذه المعاهد بسرعة التحول إلى كليات تمنح البكالوريوس، فيما تم إيقاف القبول في التخصصات المهمة التي لها علاقة مباشرة بالمريض لضعف مخرجات هذه المعاهد، خصوصًا أن نصف الخريجين لم يستطيعوا اجتياز امتحانات الهيئة السعودية للتخصصات الصحية. والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كانت جهات العمل ترفض تعيين خريجي هذه المعاهد فلماذا يتم قبولهم في الأساس.. ومن يعيد اليهم اموالهم التي انفقوها حتى التخرج؟.. ويصف الطلاب المتضررون من تحويل المعاهد من الدبلوم الى بكالوريوس هذا القرار ب «الظالم»، مؤكدين أنهم ضحية التخبط في القرارات على اعتبار ان الوزارة تركتهم فريسة سهلة لاصحاب المعاهد الاهلية. «المدينة» ناقشت القضية مع عدة اطراف لمعرفة الأبعاد كافة. في البداية يتساءل الطالب شبيب السبيعي: لماذا يتم قبولنا في تلك المعاهد وبعدها يعاقبوننا بعدم القبول في القطاعات الصحية؟ وقال إن الوزارة هي الجهة الاشرافية على تلك المعاهد من خلال هيئة التخصصات الصحية وتملك القدرة على اغلاقها أو إجبارها لتحويل برامجها من دبلوم إلى بكالوريوس وتساءل أيضا عن المبلغ الذي دفعه للمعهد وكيفية استرجاعه لأنه لا يرى فائدة من دراسته بالمعهد بعد القرار ولا يملك المال لإكمال دراسة البكالوريوس، لأن ذلك يتطلب منه مبلغا كبيرا. أما الطالب ياسر العتيبي فقال ان القرار ظالم ومتجرد من الإنسانية وقال أن المبلغ الذي دفعه للمعهد كان عن طريق سلفة من أحد أقاربه ووعده لإرجاعه حين يحصل على وظيفة، وقال لو علمت بذلك القرار ل اشتريت سيارة (تاكسي) لكسب رزقي بعرق جبيني بدلا من الحلم في السراب حيث إن الدراسة بعد هذا القرار لن تقدم لي شيئًا ولن تحقق لي الأمان الوظيفي والاستقرار وقال أتوقع أنني سأتخرج وأضع الشهادة في البيت وقالها والحسرة تملأ محياه، واستدرك قائلا أنني محبط جدا حيث كان لدي طموح لإكمال دراستي بعد الوظيفة وإكمال نصف ديني بالزواج، ولكن حسبي الله على من وضع من مثل هذا القرار. من يعيد لنا أموالنا؟ من جهته تساءل الطالب يزيد الجعيد: من سيرجع لنا ما دفعناه لتلك المعاهد مادام أن الوزارة لن تقبلنا. ودعا الوزارة الى أن تتعامل معنا برفق وتراجع قرارها لحين تحويل المعاهد من شهادة دبلوم إلى بكالوريوس. فيما أكد الطالب عبدالكريم الثبيتي أن كثيرا من زملائه الطلاب يدرسون في الصباح وفي المساء يعملون لتأمين مبلغ تلك المعاهد، حيث لا يرون ذويهم إلا يومي الخميس والجمعة وقت الاجازة عدا ذلك من الأيام لا يرجعون إلى البيت إلا وقت النوم، حيث إنهم يقضون ستة عشرة ساعة خارج منازلهم. وزاد على ذلك ما ذنبنا كطلاب من ينصفنا ويعطينا حقوقنا وقال بعد هذا القرار سأكون أول المقدمين على إعانة البطالة. وذكرت الطالبة عبير خالد أنها تفاجأت بهذا القرار مما أحبطها وجعلها تفكر في إنهاء دراستها في المعهد والالتحاق بدورة حاسب آلي لان ذلك يضمن لي وظيفة أفضل من هذه المعاهد بعد قرار الوزارة ولكن السؤال من سيرجع لي ما دفعته لذلك المعهد. بينما ذكرت إحدى زميلاتها هند محمد أنها لم تدخل لذلك المعهد إلا لمحبتها للتمريض حيث تحب أن تساعد الاخرين وتضحي من اجلهم ولذلك دخلت المعهد واختارت تخصص التمريض، ولكنها تساءلت بعد هذا القرار لن تمارس مهنتها المحببة إلى قلبها وتمنت أن يتم مراجعة هذا القرار والنظر بعين واعية ومتفهمة من وزارة الصحة لأنها بهذا القرار سوف تزيد من عدد العاطلين والعاطلات عن العمل مما يزيد العبء على الوطن. استدانة من أجل الدراسة وقالت الطالبة شهد سعد إنها تسلفت مبلغ المعهد من إحدى قريباتها لكي تكمل دراستها وترجع المبلغ حين تتوافر لها وظيفة، وذكرت أن والدها متقاعد وأن إخوتها صغار في السن لا يعملون وأنها تأمل أن تتخرج بأقصى سرعة للتوظف لمساعدة أهلها ولكن بعد هذا القرار قالت أنها ستنضم لقائمة العاطلين وطالبت الوزارة بمراجعة القرار أو التكفل بمبلغ إكمال دراستها لمرحلة البكالوريوس. واشار المواطن عبدالرحمن الكناني الى ان قرار وزارة الصحة بالرفع من مستويات التخصصات الطبية الى البكالوريوس سليم تماما وبنسبة 100% كون التعامل مع الانسان يحتاج الى مهارات كبيرة في سبيل تقديم افضل الخدمات الصحية للمواطنين، ويجب عدم المخاطرة بذلك من خلال التعاطف مع خريجي هذه المعاهد لان الخطأ قاتل ولا يحتمل التجارب مهما كانت الامور، مطالبا بضرورة قيام المعاهد الصحية الاهلية برفع مخرجاتها والتحول الى كليات صحية تمنح البكالوريوس. وذكر محمد أحمد وهو فني تمريض ويعمل في أحد المستشفيات العامة بقسم الطوارئ وأحد خريجي المعاهد الاهلية انه يطمح بإكمال دراسته في تخصص التمريض وقال إن قرار الوزارة هذا ليس في مصلحة الطالب، والوزارة لا تقبل خريجي المعاهد الصحية بالعمل لديها إلا بعد اجتياز اختبار هيئة التخصصات الصحية، وهذا يعتبر اعترافا ضمنيا من الوزارة بمقدرة هؤلاء الطلاب بالعمل في المنشآت الصحية التابعة للوزارة بعد اجتياز الطالب لذلك الاختبار، علاوة على ذلك أن الهيئة تأخذ رسوما من الطلاب على ذلك الاختبار. لا.. للقرار التعسفي إلى ذلك ذكر عدد كبير من خريجي المعاهد الخاصة ممن هم على رأس العمل أن الوزارة كان بإمكانها تكثيف التدريب للعاملين لديها بعد توظيفهم لان المجال الصحي حافل بعديد من المستجدات والوزارة تملك إدارة معينة بالتدريب بحيث تقوم بكثير من الدورات التي نرى أنها كافية في تطوير مهارات الممارس الصحي ورفع كفاءته دون اللجوء لقرار تعسفي يعصف بآمال كثير من شباب الوطن خصوصا الذين لم يجدوا فرصة سوى في تلك المعاهد، ومن خلال الجولة، وأيضا ذكروا لنا أن الوزارة لازالت تستقدم فنيين من الخارج مما يعطي أكثر من علامة استفهام حيال قرارها الذي سيكون في حيز التنفيذ بدءًا من العام القادم. الجدير بالذكر أن الوزارة في خططها إلى عام 1444ه بحاجة إلى فئة الفنيين من جميع التخصصات خصوصًا التمريض، وأيضا قالوا الوزارة كيف ستتعامل مع خريج البكالوريوس هل ستضعهم كفنيين أو إخصائيين ولو وضعتهم كإخصائيين هذا سيترك بعد كم سنة فجوة بين الفئات الصحية، حيث التسلسل الوظيفي فني-إخصائي-دكتور-استشاري، وعليه سوف تفقد فئة الفني بعد هذا القرار مع العلم أن الفئة معتمدة من وزارة الصحة ولها المهام الموكل بها التي من الصعب أن تقوم بها فئة الإخصائي مثلا لأن لكل فئة عملا مخولة به وتقوم عليه ضمن الهيكل التنظيمي للخدمات الصحية في جميع المرافق الصحية. هذا ما رصدته جولة «المدينة» من آراء الفنيين الذين هم على رأس العمل من خريجي تلك المعاهد العاملين في المرافق الصحية. محامٍ: مبالغ الدراسة من حق الطلاب قال المحامي خالد أبو راشد إن المعاهد إذا تم إبلاغها بقرار الوزارة القاضي بعدم قبول شهادة أقل من البكالوريوس بدءًا من العام المقبل فإن المعاهد يجب عليها إرجاع المبالغ التي دفعت لها من قبل الطلاب والطالبات ومن حق الطلاب والطالبات المطالبة بذلك لأن الوزارة أخلت مسؤوليتها بعد إبلاغ تلك المعاهد ولكن المعاهد لم تلتزم بذلك حيث لازالت تستقبل الطلاب والطالبات وتخرجهم كخريجي دبلوم وهي تعلم أنهم لن يقبلوا في القطاع الصحي في (وزارة الصحة) ولم تبلغ الطلاب والطالبات بذلك. وقف التخصصات الملتصقة بالمريض قال عبدالله الزهيان مدير العلاقات العامة بهيئة التخصصات الصحية انه تم ايقاف القبول في المعاهد الصحية الاهلية للتخصصات المختلفة من تمريض، صيدلة، مختبرات، اشعة، علاج طبيعي وسمح مجلس الامناء للمعاهد بالاستمرار في تدريس 8 تخصصات: مساعد طبيب اسنان، التخدير، السكرتارية الطبية، العلاج التنفسي، نظم المعلومات الصحية، الصحة المهنية، المراقبة الصحية، الاجهزة الطبية. إلى ذلك اكد مسؤولون في العديد من المستشفيات ان مخرجات المعاهد الصحية الاهلية دون المستوى ولا تحقق المطلوب نهائيا، كون غالبية الخريجين والخريجات لايستطيعون اداء عملهم بالشكل المطلوب في تخصصاتهم المختلفة اذا عرفنا انهم لايستطيعون اجتياز الامتحانات الا بعد محاولات متعددة، واضطرت هيئة التخصصات الصحية الى اعطائهم 6 فرص في محاولة النجاح دون جدوى، لافتين إلى ان غالبية التخصصات الرجالية ومنها التمريض، الاشعة، الصيدلة، المختبرات، العلاج الطبيعي وغيرها من التخصصات بالنسبة لحملة الدبلوم من الرجال مكتفية تماما بل ومتشبعة وهناك فرص موجودة للكادر النسائي فقط وهو ما يستدعي الاستقدام من خارج المملكة على درجة البكالوريوس والدبلوم فقط. إنشاء كليات صحية قال مصدر في وزارة المالية ان الوزارة تقدم قروضا لمن يرغب في انشاء كليات وجامعات اهلية صحية بحد يصل الى 200 مليون ريال اذا كانت خمس كليات فأكثر. واكدت الوزارة انها تشجع اقامة الجامعات والكليات الاهلية وفقا لتوجيهات المقام السامي الكريم. البكالوريس الحد الأدنى من جانبه أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور خالد مرغلاني ان الوزارة تقوم بدورها في تنفيذ الخطة الاخيرة التي اعتمدها المقام السامي الكريم فيما يخص تعيين خريجي المعاهد الصحية الاهلية سواء على التشغيل الذاتي أو ما يردها من وزارة الخدمة المدنية. وقال إنه تمشيا مع توجيهات ولاة الأمر في رفع وتطوير مستوى أداء المرافق الصحية التابعة للوزارة لضمان تقديم رعاية صحية شاملة ومتميزة وفي إطار سعي الوزارة الصحة إلى تجويد وتحسين الأداء وكسب رضا المريض وسلامته بجميع مناطق المملكة ومواكبة لتوجهات منظمة الصحة العالمية حيث الوزارة كما يعلم الجميع انضمت للمنظمة فمن ضمن توجيهات المنظمة رفع مستوى القوى العاملة الصحية (التمريضية) وجودتها من حيث اقتصار القبول على خريجي البكالوريوس في التخصصات الصحية الفنية ويتم رفع مستوى الدخول على الوظائف الفنية من فئة فني إلى فئة إخصائي.وأضاف أن الوزارة نسقت مع الجهات ذات العلاقة من كليات وجامعات حكومية وأهلية معترف بها، وكل هذا كان بإشراف مباشر من الوزير على ضوء توصيات اللجنة التي تم تشكيلها لوضع معايير التوظيف بالوزارة. الحاجة إلى 4000 ألف فني من جانبه قال الدكتور زهير السباعي رئيس مجلس إدارة معاهد السباعي أن المملكة بحاجة لعدد كبير من الفنيين أي خريجي الدبلوم في السنين القادمة لأن نسبة الفنيين في القطاعات الصحة متدنية، حيث أكد الدكتور أن هناك دراسة قام بها تبين فيها وجود عدد 150.000 فني صحي من جميع الجنسيات منهم 62.000 فني سعودي أي بنسبة 40%من المجموع الكلي للفنيين الصحيين. ويوجد حوالي 53.000 طبيب، وعليه تكون نسبة الفنيين للأطباء 2.9 فني وهي نسبة غير كافية بأي حال من الأحوال مقارنة مع الدول المتقدمة في المجال الصحي حيث يوجد حوالي 8-10فنيين لكل طبيب، وعليه فالوزارة بحاجة إلى 400.000 فني على أقل تقدير لكي تستقيم الأمور، ويكون الهرم الوظيفي في وضعه الطبيعي، ولكي لا يحتاج الطبيب بعمل ما يقوم به الفني، لذلك لابد من الوزارة مراجعة القرار ودراسة من جميع الجوانب. الخدمة المدنية: خطة لاستيعابهم بحد أقصى شهر محرم المقبل أوضح مصدر في وزارة الخدمة المدنية أن توجيهات المقام السامي الكريم الاخيرة تضمنت حلولًا لمشكلة هذه المعاهد، حيث تم البدء في تطبيقها فورا والتي تتضمن استيعاب خريجي الصحية وعددهم 28552، وفق المقترح في محضر اللجنة التحضيرية رقم (4) من خلال الترتيبات التالية (من اجتازوا امتحان التصنيف المهني في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية وعددهم 14000 خريج وخريجة يتم استيعاب 4000 خريج على الوظائف الشاغرة في وزارة الصحة، و4000 على الجهات الحكومية الاخرى بما في ذلك بنود التشغيل و6000 لدى القطاع الخاص. ومن لم يجتز التصنيف المهني في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية وعددهم 14552 خريجًا وخريجة، سيعتبرون في حكم الطلبة وتقوم الهيئة بإلزام كليات المجتمع والمعاهد الصحية التي تخرجوا فيها باكمال تاهيلهم ويدفع لهم مكافأة (1000) ريال من صندوق تنمية الموارد البشرية اثناء إعادة التأهيل، بحيث لا تتجاوز السنتين كحد أعلى ويتم استيعابهم في القطاع الخاص بعد انتهاء تدريبهم واجتيازهم اختبار الهيئة السعودية للتخصصات الصحية على أن تكون رواتبهم مجزأة ويساهم صندوق تنمية الموارد البشرية بجزء منها، وعلى وزارة الصحة التنسيق مع وزارة العمل قبل اعطاء تأييد التعاقد مع العمالة الوافدة وذلك لضمان التأكد من استيعاب الخريجين والخريجات في القطاع الخاص، ومن لم يجتز يحول على وظيفة إدارة في القطاع الخاص، الطلب من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية اعادة دراسة وضع المعاهد الصحية والعمل على اغلاقها تدريجيًا وقيام وزارة التعليم العالي بالتنسيق مع وزارة الصحة حيال تقديم برامج التحضير لحملة الدبلومات الصحية مع رفع جودة خريجي تلك المعاهد بما يتفق مع احتياجات السوق. واشار المصدر إلى ان القرار حدد مدة التنفيذ بستة اشهر وهو ما يعني الانتهاء من تنفيذه بحد اقصى في بداية شهر محرم القادم بإذن الله تعالى.