لا يختلف اثنان في أن المواطنة حقوق وواجبات، حقوق للمواطن وواجبات يؤديها المواطن للوطن في إطار شراكة تهدف أساسًا إلى تحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية في المجتمع في إطار وحدة وطنية تقوم على أسس الهوية والانتماء والولاء الذي يهدف إلى تعزيز تلك الوحدة وتعميق مفهوم المواطنة وإطلاق عملية التنمية في أجواء مستقرة وآمنة. صحيح أن بلادنا حديثة عهد بالانتخابات، لكنها لم تعش يومًا بمعزل عن ممارسة الديمقراطية بشكلها المستمد من تراثنا الإسلامي، وذلك من خلال مفردات مثل البيعة والمجالس المفتوحة التي تجمع الحاكم بالمحكوم والتي تطورت بشكل كبير في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما ارتقى بمفهوم تلك المجالس إلى أعلى المستويات من خلال رسمه - حفظه الله - أسمى صور الديمقراطية فى المملكة بإرساء مبدأ الحوار فى تلك المجالس المفتوحة لولاة الأمر أمام المواطنين؛ لذا فإن انطلاق المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية أمس بتوجه أكثر من مليون ناخب إلى 748 مركز اقتراع في مختلف مناطق المملكة يعتبر حدثًا تاريخيًا ووطنيًا هامًا، لاسيما وأنه يأتي بعد أيام قليلة من الاحتفاء بالذكرى 81 ليوم الوطن، وأيضًا صدور القرار الملكي السامي بتمكين المرأة من عضوية مجلس الشورى والمشاركة في انتخابات المجالس البلدية ترشيحًا وانتخابًا بدءً من الدورة القادمة؛ ولأن تلك الانتخابات ليست الأولى من نوعها، فإنه حتى المواطن البسيط أصبح يعي أهميتها باعتبارها مقوم أساس من مقومات المواطنة والمشاركة في صنع القرار ومعالجة الظواهر السلبية في المجتمع. العملية الانتخابية في طورها الحالي أثبتت أن المواطن السعودي يتمتع بدرجة عالية من الحس الوطني والوعي الانتخابي من حيث تعامله الحضاري مع تلك العملية بكل عناصرها، بدءًا من انطلاق الحملات الانتخابية، ولجان الطعون والتقيد بضوابط وأدبيات تلك العملية لا سيما فيما يتعلق بمنح صوته للمرشح الجدير بالثقة القادر على تحقيق وعوده من خلال التقيد بالبرامج التي طرحها أثناء حملته الانتخابية.