من أكثر ما يميز العلاقة بين شعب المملكة وولاة الأمر الوفاء المتبادل، والثناء المتبادل وحفظ كل طرف لمواقف الآخر، أذكر في هذا الصدد خطاب الوالد الحبيب أبي متعب أمس من قبة مجلس الشورى الذي افتتحه – رعاه الله – بقوله: «إن كفاح والد الجميع الملك عبدالعزيز مع أجدادكم -يرحمهم الله- أثمر وحدة القلوب، والأرض، والمصير الواحد، واليوم يفرض علينا هذا القدر أن نصون هذا الميراث، وأن لا نقف عنده بل نزيد عليه تطويراً يتفق مع قيمنا الإسلامية والأخلاقية». لافتاً –أطال الله عمره– للشراكة الوطنية الأزلية بين والد الجميع المؤسس رحمه الله ورجاله وأجداد الشعب السعودي المعززين للحمة والتوحد بانضمامهم وبيعتهم وحفظهم للعهد، وكان حفظه الله في خطابه الأسبق المتضمن قراراته التاريخية يؤكد ثناءه وإكباره لشعبه، وكذلك في خطاب الوالد نايف بن عبدالعزيز المبشر بالقرارات الملكية حينها، وقريباً في خطاب الوالد سلمان بن عبدالعزيز بمناسبة اليوم الوطني المجيد حيث قال سموه: «تحتفل المملكة حكومة وشعباً في هذا اليوم المجيد باليوم الوطني الأغر في تاريخ هذا الوطن والعالمَين العربي والإسلامي، وهو يوم توحيد المملكة تحت مسمى المملكة العربية السعودية، فقد كان اليوم الأول من الميزان لعام 1351ه الموافق للثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932م يوماً مضيئاً وفاصلاً في تاريخ الأمة حين توحّد هذا الشعب الكريم والتراب الوطني الطاهر تحت مسمى واحد تربط بينه أواصر الأخوة والمحبة والسلام»، فإسناد سموه الكريم للتوحد للشعب السعودي الكريم في قوله (توحد هذا الشعب الكريم)، ثناء على نزعة الشعب للتوحد والانضمام لمشروع المؤسس رحمه الله، وتقدير للشراكة المسؤولة التي اتفق عليها الطرفان حين وحّدا الوطن الحبيب بالانتخاب الأزلي والبيعة الصادقة والعهد المسؤول والولاء المتجدد، هذه العلاقة لا يفهمها الكثيرون ممن يتوهمون أن الثورات مطلقاً مبعثاً للأمجاد وسبيلاً للحريات، فحين خرجت بعض الشوارع العربية تشق الجيب في وجوه حكوماتها كللاً ونفاد صبر، نعقت بعض الأصوات المحرضة لشعوب الخليج وبالذات المملكة للخروج والثورة، وعابت أصوات أخرى على الشعوب الخليجية إجمالاً كونها ليست كفؤا للثورة، في نظرة جاهلة وخطاب لجوج، أو ما نصفه في الخليج ب(الهياط) الثوري! فشعوب الخليج تربطها بحكوماتها أواصر متينة، وحكام الخليج آباء يتوارثون أبوة شعوبهم أبا عن جد، في حين ترث العصابات العصابات عند غيرهم، فإن كانت ثورة شعب ضد عصابة تتبعها عصابة، فإن الثورة ضد آباء الخليجيين عقوق، هكذا يربي الخليجيون أبناءهم على الولاء والحب، فالحكم في الخليج مبني على أساس الرعاية (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) لا فرق بين رعاية الأب لأسرته ورعاية حكام الخليج لشعوبهم، الذين يتبادلون معهم الوفاء والثناء، وبهما استقرت الأمور واستتب الأمن ونهضت أوطان الخليج وصارت مقصداً لشعوب الثورات وصار الانتماء لها حلماً يفوق نجاح كل ثورة. * أيامك مجيدة يا وطني الحبيب. [email protected]