ستبقى مشاكل الزوجين في حياتهما المشتركة مساحة مفتوحة لا ينتهي فيها الحديث والجدل. وهي بالنسبة لنا نحن المتخصصين والمهتمين بهذه القضايا الحياتية مجال للبحث والدراسة.. مهما أبحرنا فيه نظلّ نكتشف في أعماقه العديد من المفاجآت، وأجمل ما في هذه المفاجآت أنها مليئة بالأمل والحلول.. لأن مشاكل الزوجين الخاصة في نظري قابلة للحل، والأمل فيها نابض ما دام طرفا العلاقة راغبين في الوصول إلى الأفضل. وينعدم الحل حينما تنعدم الرغبة والاستعداد. واليوم .. أقف عند شكوى زوج كتب لي موقّّعاً باسم (زوج سجين). أخذ يشرح مشكلته بأنه يكاد يفقد صوابه بسبب زوجته -التي يرى رغم الحب الكبير الذي بينهما- أن هناك خللاً في علاقتهما إلا أنه لا يعرف تماماً ماهيته وكيفية إصلاحه. فهو يشكو من أن زوجته لا تنفك توجّه له النصائح، وتُذكّره بقائمة الممنوعات والمحظورات، ولا تفتأ تنتقد أخطاءه وعثراته ولا تكف عن متابعة أحواله (بلزوم وبدون لزوم)، فتدير حياته وتُدبِّر شؤونه و(تحشر نفسها فيما لا يخصها من الأمور) حتى أنها تستخدم معه لغة (افعل ولا تفعل)!! أي أنها بكل بساطة تعامله كطفل. وتتعامل معه كأمٍ. هذه هي حقيقة مشكلة هذا الزوج الذي لم يعرف كيف يصفها وماذا يطلق عليها. وأسلوب تلك الزوجة في التعامل مع زوجها شائع عند كثير من النساء. وهو أحد أخطاء المرأة الذي يُؤثِّر على العلاقة الزوجية تأثيراً سلبياً. فكل شيء حينما نُكثر منه يصبح ضاراً ويؤدي إلى نتائج سلبية حتى لو كان هذا الشيء هو الاهتمام والرعاية! ومعاملة المرأة لزوجها وكأنها أمّه تتخذ عدة أساليب. فهي قد تعبر عن ذلك بتقديم المساعدة المبالغ فيها للرجل وكأنه غير مؤهل للقيام بالأمر بنفسه، أو بتعنيفه ونصحه وتصحيح أخطائه وتوجيهه، أو بالتدخل في كافة شؤونه ومحاولة معرفة بعض المعلومات أو اكتشاف نوايا الزوج وأفكاره ووضعها على ميزان الصح والخطأ. هذا غير تذكيره بما عليه فعله وما لا عليه القيام به. وسأورد بعض أساليب المرأة التي تدل على كل ما ذكرت. قد تقول المرأة لزوجها: لا تنس أن تدفع فواتير الهاتف والكهرباء! وقد تُعنفه فتقول: كم مرة قلت لك لا تسبب الفوضى في المكان الذي تجلس فيه.. أو تقول: كم مرة عليَّ أن أُذكِّرك بضرورة إطفاء الأنوار قبل الإيواء إلى الفراش. ألا تعلم أن فاتورة الكهرباء كانت عالية لأنك دائماً تهمل ذلك!!؟ أو توجهه فتقول: إذا كنا سنذهب لزيارة فلان فاسلك الطريق كذا بدلاً من الطريق كذا. وغيرها من الأمثلة. وقد تكون للمرأة وجهة نظر صحيحة حينما ترى أنها بحاجة لترتيب أمور زوجها وتذكيره ومساعدته. لكن الرجل يرفض هذا النوع من (الوصاية) ويظن أن زوجته تسعى لإغاظته وتوليد المشاكل وتدمير أعصابه. لكن الحقيقة غير ذلك.. فكل ما يصدر من المرأة في هذا الإطار نابع من حبها ومحاولة إسعاد زوجها حتى لو ظن الرجل أنها تدفعه للجنون.. وفي المقال القادم بإذن الله سأُوضِّح السبب الحقيقي الذي يدفع المرأة لتلك التصرفات.