لم يستطع الدكتور سلمان بن فهد العودة مساعد الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين أن يبتعد كثيرًا عن مشاهديه في موعده الأسبوعي عقب صلاة الجمعة عبر برنامجه الحياة كلمة الذي استمر 7 سنوات على قناة إم بي سي، فعاد إليهم ضيفًا على برامج حوارية أخرى كبرنامجي فتوى والبيان التالي على قناة دليل وبرنامج لقاء الجمعة أمس على قناة الرسالة، الذي أكد فيه أنه تفاءل بتزويج ابنته الصغيرة في القدس عام 2030م. العودة لم يفارقه أسلوبه الهادئ وطرحه المتزن الذي اعتاده المشاهدون في برامجه الحوارية، فهو يكتفي بالتحليل والوصف والتقرير عن الأمر والنهي، وتصدر توجيهاته في عبارات مثل: لو فعلنا كذا، وماذا لو كان تصرفنا كذا، بدل من: افعل ولا تفعل، وهو ربما السبب الذي جذب عددًا كبيرًا من المشاهدين، وهو ما دعا مقدّم البرنامج عبدالله المديفر بوصفه ب»الرقم الأصعب في معادلة الخطاب الديني، من العيار الثقيل». وقد تحدّث العودة في برنامجه أمس عن استشراف المستقبل مؤكدًا أنه ليس غيبًا محضًا بل دلائل وإرهاصات نقرؤها حتى لا نفاجأ بما لم نكن نتوقع. وعلّل العودة حبنا للتحدث عن الماضي وتمجيده بكونه قدرًا قد مضى وليس مقدورًا عليه، أما الحاضر والمستقبل فنتركهما عجزًا عن العمل، وقال: «إننا نتكلم عن الماضي البعيد كتاريخ وأمجاد وعن الماضي القريب كجماليات وفضائل وكأنه لم يشهد اختلالات أو كان عالمًا ملائكيًّا معصومًا وهو ما يجعل الإنسان كائنًا تاريخيًّا ميتًا بين الأحياء». وعدّ العودة وَلَعنا بالحديث عن الحاضر تبرمًا من تبعات تقصيرنًا لا تحليلًا، وأن حدينا عنه أكثر من حديثنا عن المستقبل الذي ينبغي للإنسان أن يعيشه حلمًا وأن يحسن الظن فيه بالله تعالى متوقعًا أجمل ما يمكن، مؤكدًا أنه «تفاءل على تويتر بزواج ابنته الصغيرة في القدس». وقال إن العالم العربي يعاني من مشكلة في استشراف المستقبل وقراءته، بينما يولي العالم الغربي أهمية قصوى لمراكز الدراسات المستقبلية، وأن أوروبا تحتضن أكثر من 5 آلاف مركز ومؤسسة بحثية للدراسات المستقبلية غالبًا ما تكون على صلة مباشرة بصناع القرار ليستفيدوا منها، بينما لا يوجد في العالم العربي أكثر من 5 مراكز فقط، وتعتمد في الغالب على دراسات مترجمة وليس لها صلة بصناع القرار. وأرجع العودة عزوف المسلمين عن قراءة المستقبل إلى عدم قناعتهم بما يطرح فيه هذا الجانب وسخريتهم منه ووصفه ب»الكلام الفاضي» أحيانًا، بالرغم من أن الإسلام دعا إلى الاهتمام بالمستقبل والتخطيط له، مؤكدًا أن قصة يوسف عليه السلام نموذج فهو عليه السلام سيد المتوسمين والمحللين والمخططين.