اختتم يوم أمس الخميس المؤتمر الرابع للمعلّم، والذي رعاه والد الجميع خادم الحرمين الشريفين، ونظّمته باقتدار كلية التربية بجامعة أم القرى (أول كلية تربية على مستوى المملكة العربية السعودية). والواقع أن المعلّم يمثل ركيزة أساسية من ركائز التعليم، وُصف في المؤتمر بحجر الزاوية؛ فهو يُعدُّ أُسًّا هامًّا من أساساتها، فلا يمكن أن تتم العملية التعليمية والتربوية بدونه. لكن المؤسف أن هذا الأساس بات يعاني من أمور كثيرة، ربما تقف حائلاً أمام أداء واجباته المنوطة به، ويمكن أن تقف كحجر عثرة أمام إبداعاته ونثر مكنوناته. والحاضرون لهذا المؤتمر حاولوا جهدهم أن يحيطوا بمحاوره التي وضعها القائمون عليه، وفي مقدمتهم مهندس المؤتمر الأول الخبير التربوي أ.د زايد بن عجير الحارثي عميد كلية التربية، وانبثق عن المحاور ندوة قيّمة عن المعلم بين الأمس واليوم. ويكاد يجمع التربويون أن المعلّم يتعرض لضغوط عدة، كانت من أسباب تدني الأداء، ورداءة المخرجات؛ إذ لها آثار سلبية على الناحية النفسية، ومردود رديء على الساحة التربوية. وإقامة مثل هذا المؤتمر يصبُّ في محاولات التصحيح، ووسيلة من وسائل رفع الروح المعنوية لكل مَن يحمل هم التعليم؛ فهي رسالة أكثر من كونها مهنة، مع وجود محاولات لوضع ضوابط لها. والتوصيات التي خرج بها المؤتمر هي فرصة سانحة لوزارة التربية والتعليم، وهدية قيّمة قدمتها الشخصيات المشاركة، تمثّل خلاصة خبراتهم، وثمرات أفكارهم، ولعلّها تكون بداية حقيقية لإعادة ما فُقد، وتعويض ما سقط من مكانة لهذه الشخصية التي يتمنى التربويون أن تعود لمجدها، وتُعاد لها هيبتها. ووزارة التربية والتعليم معنية بالدفاع عن المعلّم، وما يتعرّض له من محاولات تشويه بتعمّد، أو بغير تعمّد، وعليها في الوقت ذاته أن تعيدَ النظر في طريقة التعامل مع هذه الركيزة الهامة من ركائز التربية، حتى تصل إلى درجة من التكامل تؤدّي إلى تعليم حقيقي يرقى إلى مستوى الطموح، فمن المعلوم أنه لا سبيل للوصول إلى ذلك إلاّ بمنهج محكم، ومعلّم متقن، وطالب راغب، وبيئة راقية. وكم راق للجميع الاستجابة العاجلة من قِبل معالي د. خالد السبتي لمطالبة كاتب هذه السطور بإنشاء هيئة وطنية للمعلّمين (نقابة) تعنى بهم، وتضمن لهم حقوقهم، وتحفظ لهم كرامتهم. ولإيجاد معلم ماهر محب لأداء رسالته فلابد من منحه كامل حقوقه والسعي لتذليل كل العقبات أمامه وتوفير سبل الراحة له، وحينها يُطلب منه العطاء ويبادلنا الوفاء، وهنا لا افشي سرا بأن هذا الكلام يمثل قناعة عند القائمين على الوزارة. وإقامة ملتقيات، وتخصيص حملات للمعلم، كأن تُسمّي الوزارة هذا العام 1432 - 1433ه عام المعلّم؛ تقديرًا لمكانته، وللوصول إلى مجتمع معرفي، وبناء جيل قادر على مواصلة التقدّم، وإنتاج المعرفة، وكتلك التي أقامتها الإدارة العامة للتربية والتعليم بالمدينة المنورة بعنوان: معلّمو الأجيال أنتم فخرنا. إن من البشائر هو قرب إطلاق مشروع مسارات تحفيز المعلم، وجائزة المعلم، والكثير الكثير إدراكًا للمكانة العلية، والمنزلة السنية لهذا الإنسان، ولتعزيز مكانته في المجتمع، والأيام المقبلة حبلى بالخير للمعلم، ويرجى ألا يطول الانتظار، (ولا نتفق مع ما ذكرته د.هيا العواد وكيلة الوزارة للبنات من كون ما يتعلق بالتربية يستغرق وقتًا طويلاً لنرى النتائج؛ فالعالم تتسارع خطواته، ولابد لنا من مواكبته)، وإن غدًا لناظره قريب.