عندما انْتهيتُ من زيارة مركز وموسوعة (السّلام عليكَ أيُّها النّبيّ)، لم أستطع سوى القول لمؤسّسه والمشرف عليه الدكتور ناصر الزهراني: إنّني أَعْجز عن قول شيء، مستصحبًا في داخلي قول شاعرنا الكبير، والصَّديق الوثير الدّكتور صالح الزهراني: تتخشّب الكلماتُ حين أزفّها خجلاً.. إذا قدّمتها تتأخر أظهرت للعشّاق بعض صبابتي.. وأجلّ أشواقي التي لا تظهر قلتُ في داخلي لعلّ البيتين السّابقين يشفعان لي قصورًا وعجزًا عن قول ما يجب قوله، وأنا أمام مشروعٍ عالميٍّ يحتضن جوانب الحياة النّبويّة في كلِّ ما صدر عنها من قول أو فعل، متمثّلاً في شخص خاتم الرّسل والأنبياء عليهم جميعًا أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم. ولا تثريب عليَّ في هذا العجز والقصور، وقد رأيت في ذلك المشروع ما أًعْجز لساني، وأقْعد كلامي، فكلّ ما يمكن البوح به لا يخرج عن باحات الرّوح؛ ويسألونك عن الرّوح: (قل الرّوح من أمر ربيّ، وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً). ولمّا فرغت من تلك الزّيارة اسْتحييتُ أنْ أقولَ حرفًا واحدًا في حقّ مشروعٍ كبيرٍ بهذا الحجم، وهذا الطّموح، حتّى أصبحتُ ساكن الكلمة، ساقط الحرف؛ فبعض المواقف تستعصي عن القول والبوح، وحسبها أنَّها تسْتَكن بالإعجاب. مع هذا فالتّأريخ يخبرنا بقلّة قليلة من البشر ممّن توسّد هامة العمل كصاحب هذا المشروع، وأثمر لنا من جهده وعرقه وسهره نياشين، وعلامات ستبقى خالدة حيّة لا يعتورها النّسيان لارتباطها بصاحب العظمة والنّبوة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم. إنَّ مزيّة العمل؛ أيّ عملٍ في جلالة قدره، وعلو كعبه؛ فكلّما ارتقيت بعملك إلى مصاف العظماء أصبحت عظيمًا، وكلّما ترفّعت عن شنأ الفعل توسدت قمّة الهرم. فهناك في مكّة المكرّمة -حرسها الله- (مركز)، وهناك (موسوعة) وفي ظلهما مشروع ينوء بالعصبة أولي القوّة؛ ومن المناسب هنا استحضار فكرة هذا المشروع علّني أعطي القارئ صورةً مصغّرة -مع قصوري- محاولاً أستحضرها من لسان صاحبه والقائم عليه الدكتور ناصر الزهراني حيث يقول: «هو المشروع التجديديّ العظيم الذي ستكون فروعه في أَنحاء العالم بإذن الله تعالى، وهو مشروع علمي دعوي تربوي ثقافي حضاري إِنساني خيري». وتقوم فكرة المشروع على إنشاء جامعة (السّلام عليك أيُّها النّبي)، يضاف إلى ذلك إنشاء قناة فضائية تحمل ذات المسمّى، فضلاً عن العمل على تقديم أكبر بوابة على الإنترنت عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم بأهم اللّغات العالميّة، إضافةً إلى صالات عرضٍ للسّيرة النّبويّة مزودة بأحدث وسائل التّقنية، ناهيك عن معرض دائم يبرز عظمة الإسلام وروعته، وعظمة النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وكريم أخلاقه وآدابه وشمائله، ولا يغفل المعرض عن إبراز روعة المُثل والقيم التي جاء بها الإسلام. وممّا يزيد من بهاء هذه المشروع القيام بإنشاء متحف (نبوي) كفكرة رائدة تعدّ الأولى من نوعها في التّأريخ، حيث يقوم المعرض على تجسيد وصناعة كلّ ما ورد في القرآن الكريم من سلاح، ومتاع، وأوانٍ، وحليٍّ، وملابس، وما ورد في السّنّة النّبويّة المطهرة من ذلك، إضافة إلى مشاريع أخرى تجديديّة مميّزة تستلهم الزّمان والمكان والإنسان. وزيادة في اكتمال عناصر هذا المشروع الكبير وجود مَوسوعة تقع في حدود 500 مُجَلَّدٍ من القطع الكبير تحت عنوان (السّلام عليك أَيُّها النبيّ)، كأكبر موسوعة في التأريخ تحكي حياة النّبي عليه الصلاة والسّلام، ومن بشائر الخير لهذا المشروع القيام بتوقيع مذكرة تفاهم تجمع أمانة العاصمة المقدسة، ومؤسس هذا المركز لتخصيص أرض تقدر مساحتها ب 300 ألف م2 ليقام عليها هذا المشروع العالمي، إلى جانب توقيع مذكرة تفاهم مع جامعة الملك سعود لترجمة المعرض والموسوعة لأهم اللغات العالمية. وللحديث صلة...