صناعة النقل الجوي مثل أي صناعة أخرى تحكمها أنظمة وقوانين متفق عليها بين الدول والمشغلين. والأنظمة ملزمة لمن يستخدم الطائرات، والمطارات، والمرافق الملاحية، بصفة عامة.. وتركز بصفة خاصة على الأمن والسلامة، من بداية الرحلة من نقاط الإقلاع.. وحتى الهبوط في المطار.. مقصد السفر ومغادرة حرم المطارات. والمسؤولية في الدرجة الأولى تقع على عاتق الدول المعنية بسن الأنظمة ومراقبة تطبيقها، وتوفير الأمن والحماية.. وجميع التجهيزات المطلوبة.. التي تضمن سلامة الراكب.. وتمنع التدخل غير المشروع في أمن الطيران.. حسبما نصت عليها المعاهدات الدولية. هذا باختصار الإطار العام الذي يحكم مسؤولية الجهات المختصة في صناعة النقل الجوي، ومن جانب الركاب فإن عليهم الالتزام بآداب التعامل حسبما تنص عليه الأنظمة والقوانين والإجراءات المتبعة. • وظاهرة الشغب التي تحصل في المطارات من وقت لآخر مصدرها عدد من العناصر أهمها: كثرة تكدس الركاب قبل فترة الإقلاع المحددة في مواعيد الرحلات، وضيق المكان، وطول فترة الانتظار، وعدم توفر المرافق اللازمة التي تلبي احتياجات المسافرين، وعدم تعاون بعض المسافرين لاتباع الأنظمة المعمول بها في المطارات. • وتجنبا لذلك فإن هناك ضوابط تنظم مواعيد الرحلات، وتفويج الركاب من وإلى صالات المطارات.. وعلى شركات الطيران.. ووكالات السفر والسياحة الالتزام بها. • والنوع الآخر من الشغب هو ما قد يحصل من قبل بعض الركاب على متن الطائرة، له أيضًا مسببات مثل تناول الكحول أو بعض الحالات النفسية لدى بعض الركاب التي تؤدي للاستثارة لأقل الأسباب وتصل إلى رفض الراكب الالتزام بالتعليمات مثل ربط الأحزمة، والامتناع عن التدخين، أو مضايقة وإزعاج الركاب، ورفض الالتزام بالجلوس في المقاعد المخصصة لهم. • وبحكم أن هذه الظاهرة تحدث في الجو بعد إقلاع الطائرة فإنها تشكل خطورة جسيمة على السلامة والأمن أثناء الرحلة ولذلك أقدمت الجهات المعنية بدراسة الوضع ووضع ضوابط وعقوبات لكل من يخل بأمن وسلامة رحلات الطيران والمسافرين على متن الطائرات أثناء السفر. • ونظرًا لما يحيط بصناعة النقل الجوي من مخاطر فإن الدول تتعاون بشكل دقيق في أمور الأمن والسلامة وشؤون التشغيل، وتتبادل المعلومات بصفة مستمرة حرصًا على استمرارية النقل الجوي الذي أصبح من أهم وسائل العصر في خدمة المجتمعات واقتصادياتها. • وبالنسبة لما حصل في مطار الملك عبدالعزيز أثناء فترة العيد من بعض الركاب المغادرين فقد تكون الأسباب الرئيسية بسبب عدم الالتزام بمواعيد الحضور إلى صالات المطار، وتأخير بعض الرحلات الذي نتج عنه تكدس الركاب فوق طاقة الاستيعاب المتوقعة.. وهذه أمور تحصل من وقت لآخر في كل مطارات العالم.. ولكن شركات الطيران تبادر بالتعامل مع الركاب بشكل سريع، وتوفير الاحتياجات الأساسية تصل إلى إيوائهم في فنادق على حساب الناقل المتسبب في التأخير، حتى يحين موعد الإقلاع. والناقلات الجوية تعلم ذلك جيدًا وإلا خسرت نسبا من حصصها في سوق النقل عندما تتأثر سمعتها. • وبالرغم من كل المسببات فإن ذلك لا يبرر الاعتداء على الموظفين الذين يعملون بجد على توفير احتياجات الراكب.. وقد يكون ما حصل خارجا عن إرادتهم.. ولكنهم أصبحوا هدفا للركاب الذين خرجوا عن طورهم وأصبحوا يتصرفون بدوافع عاطفية تجعلهم يخالفون الأنظمة ويُعقِّدون مهمة رجال الأمن في المطار.. ويضطرونهم للتعامل حسبما تفرضه الأنظمة الأمنية بدون تردد. وهم بذلك يؤدون واجباتهم المناطة بهم. • والدول تحرص على راحة المسافرين وتراقب ممارسات شركات الطيران العاملة في مطاراتها.. ولكنها أيضا لا تسمح للركاب أيًا كانت الأسباب بالاعتداء على العاملين في المطارات وإلحاق أضرار بالمرافق والتأثير على السلم العام داخل حرم المطار. والملاحظ أن الحادثة الأخيرة كانت مع بعض -الأخوة المصريين- المعتمرين الذين أتوا لأداء نسك دينية وطلب العفو والمغفرة من رب العباد.. والمفترض أن يكون التسامح والصبر والسلوك الحضاري، حليف رحلتهم للتعبد إلى بيت الله الحرام.. وليس العنف والشتائم والاعتداء على موظفين يقومون بخدمتهم، حسب أنظمة الطيران المدني الدولية. ولهذا، فإن ممارسات الفوضى في مطاراتنا غير مقبولة، ولا يمكن السماح بها، كما أن على الجهات الأمنية التعامل بحزم مع هذه الظاهرة المسيئة لخدمات الحجاج والمعتمرين.. والله من وراء القصد.