تقرير الأممالمتحدة الصادر أمس الأول الذي يبرئ إسرائيل من جريمة الاعتداء على أسطول الحرية الذي كان ينقل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عام 2010 وأودى بحياة 9 أشخاص من أبناء الشعب التركي، عدا أنه جاء متأخرًا عن سياقه الزمني أكثر من عام بحجة إعطاء الفرصة لكلٍّ من تركيا وإسرائيل للتوصل إلى تسوية، هذا التقرير يعتبر بمثابة خروج واضح وصريح عن مبادئ القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة واتفاقيتي جنيف ولاهاي، ويقدم مرة أخرى مثالاً واضحًا لخضوع الأممالمتحدة للتوجهات الأمريكية إلى جانب ما يشكله من انحياز سافر إلى جانب إسرائيل التي تعتبر دولة احتلال، وحيث يبقى من المفهوم ضمنًا أن دعم الأممالمتحدة لإسرائيل في هكذا موقف يعني ببساطة دعم الاحتلال، الأمر الذي يعني في المحصلة تنكر تلك المنظمة لمبادئها الأساسية التي يأتي في مقدمتها مبدأ رفض الاحتلال. التقرير من هذا المنطق، حتى وإن كان الهدف منه القيام بخطوة استباقية تسبق وتمتص موجة الغضب المتوقعة من واشنطن وتل أبيب في حالة تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67 نهاية هذا الشهر، يشكل سابقة خطيرة في تاريخ الأممالمتحدة، فصمت المجتمع الدولي لما تمارسه إسرائيل من حصار واغتيال واعتقال وعدوان شبه يومي ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعدم الاكتراث بهكذا جريمة يعتبر جريمة أخرى لا تقل بشاعة عن الجريمة الإسرائيلية، الأمر الذي يتطلب أولاً وقفة حازمة وصارمة من المجتمع الدولي لإنهاء هذا الحصار الظالم الذي يؤكد على أن القطاع لا يزال يخضع للاحتلال الإسرائيلي. خطورة هكذا تقرير، وبالرغم من محاولة التخفيف من انحيازه السافر لإسرائيل من خلال استخدام بعض الكلمات الملطفة كالقول بأنّ قرار إسرائيل السيطرة على السفن بمثل هذه القوة بعيدا عن منطقة الحصار ومن دون تحذير مسبق مباشرة قبل الإنزال كان مفرطًا ومبالغًا فيه، إلا أن هذه الكلمات لم تنجح في التخفيف من سمة الانحياز الذي اتسم به التقرير إلى جانب افتقاره إلى التوازن والمعيارية، لا سيما وأن إقراره بشرعية الحصار وعدم تقديره لحجم الجريمة الإسرائيلية من شأنه منح الاحتلال الإسرائيلي الفرصة للإفلات من العقاب، وتكرار هذا النوع من الجرائم الذي يرقى إلى مستوى جرائم الحرب.