قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا؟) الأمانة أوجبها الله على عباده، يجب أن تؤدى على الوجه المشروع، كما قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا). ويقول سبحانه: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) ويقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) المجتمع الحالي يختلف بكثير عن الماضي ولعل الثورة الإلكترونية ووسائل الترفيه لها الأثر الكبير في تغيير بعض السلوكيات كالفساد وضياع الأمانة وفقدان الضمير، أولادنا وبناتنا أصبحوا يدركون تمامًا نمط الحياة ويناظروننا عن كثب في تصرفاتنا اليومية، ويسمعون ما يتناقله زملاؤهم في المدرسة أو الشارع، فمن حقهم علينا أن نسعدهم ونلبي طلباتهم، ولكن في حدود ما تسمح به ظروفنا المالية، فعندما يرى أبناء الحي تغير حال جارهم السريع من الفقر إلى الغني لدرجة البذخ، يوجد لديهم شك وحيرة، ومن هُنا يكون الأب والأبناء في موقف مُحرج، وبالتالي ينعكس هذا الترف سلبًا على حياتهم ويعيش بيت الأُسرة في قلق مستمر، فهم يُناظرون رب أسرتهم، ويعرفون كل تصرفاته، فتنقلب الحياة السعيدة إلى جحيم، وفي المقابل تجد أسرة دخلها متواضع يشكل فيه رب الأسرة وربة البيت أنموذجًا يقُتدى به، ومن هنا نستنتج أن المال الحلال وإن قل ففيه بركة، ووقتنا الحاضر وقت انفتاح وديمقراطية وحرية في الرأي والتعبير والنقد، ومن يختلس تتربص به أدوات النشر، فلماذا لا نعود لرشدنا ولعقولنا ونُحكِّم الضمير ونؤدي الأمانة ونكون صادقين في تعاملنا، في العمل والبيت ومع المجتمع إذا راجعنا مراجع تكبد مسافات طويلة لا نعتذر له بعدم مقابلة المسؤول لأن سياسة الباب المفتوح هي السائدة، وإذا اتضح لك أن المراجع صاحب حق فلا تحجب الحق عنه لأن الملك عبدالله وإخوانه أطال الله في أعمارهم أوصوا خيرًا بالمواطن، كثير من الناس تعب والبعض قد توفاه الله وهو يُطالب بحقه، فمتى يصحو الضمير ومتى نُفكِّر في عقوبة الله..؟! الرد الآلي أصبح يخدم المواطن المراجع أكثر من الموظف، فتخيل على مدار أربع ساعات في اتصال مع بعض المصالح الحكومية والرد هو انتظر الموظف مشغول، فتضطر السفر مئات الكيلو مترات بحثًا عن معاملتك، وتُفاجأ بغياب المسؤول، وفي النهاية إذا علم الإنسان يقينًا أن الله رقيب عليه، وتعامل مع خلق الله بهذا المعيار، سيكون مثالًا يحتذى. محمد أحمد الناشري - القنفذة