أكد الدكتور محمد بن أحمد الفيفي الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن التطريب والتلحين والتكرار والتغني بالدعاء في القنوت من المحدثات المنهي عنها، وقال إن الأصل في العبادات المنع والتوقف لقوله صلى الله عليه وسلم «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، فليس المنع مقتصرا في أصل العبادة فحسب بل حتى في صفتها ووقتها وعددها وزمنها ومكانها وهيئتها، ولا دليل على صفة التغني بالقنوت فكيف نتعبد الله بما لم يشرع لنا، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ونقل إلينا. وقال الدكتور الفيفي إن الأمر بالتغني والترتيل إنما ورد في تلاوة القرآن «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»، ولم يقل «يتغن بالدعاء»، وقال صلى الله عليه وسلم «زينوا أصواتكم بالقرآن» ولم يقل بالدعاء، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه أن إدخال الألحان في الصلوات هي من طريقة النصارى. وحذر الدكتور محمد الفيفي مما تبثه بعض القنوات الفضائية من أدعية بدعية وابتهالات ملحنة، وقال إن التغني والتطريب بالدعاء من أسباب رد الدعاء وعدم قبوله لأنه اعتداء في الدعاء، وقد أكدت اللجنة الدائمة للإفتاء على الداعي ألا يشبه الدعاء بالقرآن فيلتزم بقواعد التجويد والتغني بالقرآن فإن ذلك لا يعرف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه صلى الله عليه وسلم، وقال الفيفي كذلك إن رفع الصوت بالدعاء هو فعل منكر لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر على أصحابه عندما رفعوا أصواتهم بالدعاء، كذلك التكلف في السجع يعد من المحدثات في الدعاء، وهو أمر كره السلف في السجع ونهوا عنه، وأيضا ذكر التفاصيل في الدعاء من المنهي عنها، وعلى الإمام أن يقتصر على الجوامع والكوامل من الدعاء، وترك الأدعية المطولة، وذكر السلف أن المبالغة في ذكر التفاصيل في الدعاء هو نوع من الاعتداء. وقال الشيخ الفيفي: إننا نعجب عندما نسمع من بعض الأئمة في قنوتهم وهم يتكلفون الوصف في الدعاء، وكذلك نزداد عجبا وعندما نسمع بكاء الناس ونشيجهم وهم يؤمنون على هذا الدعاء بل يتسابقون على التبكير إلى هذا المسجد والصلاة خلف هذا الإمام، وقد تسمع من بعض الأئمة وهو يدعو على الأعداء «اللهم لا تدع لهم طائرة إلا أسقطتها ولا سفينة إلا أغرقتها، ولا دبابة إلا نسفتها، ولا فرقاطة إلا فجرتها، ولا مدرعة إلا دمرتها» وكأنه يملي على الله كيف يفعل بالأعداء، فضلا عن أنه أقحم قنوت النوازل مع قنوت الوتر مع أن لكل وقته وأحكامه وأدعيته التي وردت في السنة، وكان يكفيه أن يقول «اللهم عليك بهم» أو»اللهم انتقم منهم». وأشار الشيخ الفيفي إلى بعض من يستخدمون ألفاظا وجملا محذورة في الدعاء أو عبارات وألفاظا موهومة ومخالفة للشرع بل في بعضها ما يقدح في التوحيد ويخدش في الإيمان ومن ذلك قول بعضهم في الدعاء»في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك»، وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذه العبارة فردت «أما هذه العبارة فتركها أولى لأن فيها إيهاما فقد يظن منها البعض تخصيص الملك بالسماء فقط أو السلطان بالأرض فقط، وهكذا وعظمة الله وملكه وسلطانه وقهره عام في جميع خلقه». كذلك عبارة «يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يوصفه الواصفون» وقد أكد الشيخ العثيمين أن هذا الكلام أسجاع غير وارده عن النبي صلى الله عليه وسلم.