* الأستاذ زكي عبدالله إبراهيم محجب هو قارئ لهذه الهمزة، وأحد العاملين في وزارة التربية والتعليم بإدارة الشؤون القانونية، كلّفني أن أكتب للناس عن حزنه وعن تعبه؛ الذي قدمته له الصدفة في أحد متاجر جدة، الذي يتعامل مع الطبقة المترفة، وما كان يتوقع أن تصل الأمور بالناس حد الإسراف إلا بعد أن رأى بأم عينيه زبائن بالمحل يدفعون 1400 ريال قيمة سروال سباحة، لينفجر المسكين كمدًا وألمًا محاولًا تذكيرهم بمجاعة الصومال التي قتلت وما تزال تقتل آلاف البشر ونحن نائمون في العسل وغارقون في النعمة وبدلًا من أن نتسابق في مد يد العون لهم وإنقاذهم مما هم فيه، أرى الكل يتسابق لشراء الكماليات بثمن باهظ ومبالغ فيه، والحديث كان منه للجميع الذين ظلوا يستمعون له وهم في ذهول، لينتهي المشهد بخروجه مثقلا وكله يتمتم، إلا أنني كنت أتمنى أن أقول له: كان عليك أن تحسم خيارك قبل أن تبكي بحرقة أمام من يرمي بنقوده في أي مكان، ويشتري السلعة لأنها غالية، حتى وإن كان ثمنها الحقيقي ريالين، المهم أن بعض أولئك مهووسون بشيء اسمه الغالي، معتقدين أن في ذلك ميزة ورفعة ومكانة، كما كان عليك أن تتركهم لكي لا تكون أنت المتهم بالفضول والتدخل في شؤون أناس يعتقدون أنهم أعقل الخلق لدرجة أنهم يشترون الحذاء بألفي ريال وهو ذات الحذاء الذي اشتريه أنا وأنت وكل البسطاء بخمسين ريال!! هم المساكين يا صديقي!!! * هكذا كانت دهشته تضعه في قمة الانفعال حين كان يحثني على الكتابة عنهم وعن ضرورة الوقوف مع من يعيشون القهر والفقر، ويبكون ليل نهار والموت يحاصرهم، وهم فقدوا كل شيء وماتوا والحسرة تعوي في بطونهم الخالية، وأجسادهم الخاوية، والمشهد مأساوي جدًا، وكأننا في زمن الوحوش، وعلى مشارف الغابات والأدغال، إنه موت لم يأت من فراغ، بل جاء من غياب الوقوف معهم تاركين للغرب إنسانية التصرف بأخلاقياتنا، وهم يتدافعون جميعًا من أجل إنقاذ كلب، بينما نحن نتدافع لقتل الإنسان بأنانية مفرطة، وديننا يحفل بالحب والإنسانية، والحقيقة الصادمة هو أننا نعيش حالة انفصام تام عن مبادئ مهمة، ونعمل بعكس مبادئنا وتعاليم ديننا، لنبدو في الجهة الأخرى نمارس نوعًا من اللعب وتحت ستار الدين، تجد بعضنا يكذب ويخون، والبعض يلبس الثياب القصيرة ويفعل أفعالًا كبيرة، ويمارس البعض كل القبح، ونقول إننا مسلمون، والدين أكبر من كل الممارسات الخاطئة، والسؤال لماذا نحن هكذا..؟!!! * (خاتمة الهمزة).. لا تقلق يا عزيزي زكي، فالناس منشغلون بالأعياد، والكثيرون لا وقت لديهم للوقوف ولو لحظة أمام فاجعة الجوع ومأساة الموت، وقبل أن أنتهي كان بودي أن أقول لك: لا تحزن ولا تذهب إلى متاجر المترفين، لأن الحياة مع البسطاء أجمل بكثير.. هذه خاتمتي ودمتم.