أكد د.أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر أن شهر رمضان لم يعد شهر الصيام أو القيام، أو التدبر، والتفكر، ولم يعد شهر القرآن، بل أصبح شهر الفضائيات والمسلسلات فالتنافس محتدم بين الفضائيات على سرقة أوقات الصائمين..وإفساد روحانيات شهر رمضان. وأضاف في حواره ل "المدينة": تصحيح صورة الإسلام في العالم وتقديم خطاب ديني معاصر ينطلق من الثوابت الإسلامية ويتناسب مع روح العصر نحن بالفعل نعتبره مشروعاً قومياً للأمة الإسلامية،معلناً رفضه الفتاوى الفردية وأن الفتاوى يجب أن تكون مؤسسية،لأنه للأسف الشديد الفتوى في الوقت الحالي للأسف الشديد أصبحت كلأً مباحاً يرتع فيه كل من هبّ ودبّ !. وأشار إلى أن أخطر ظاهرة تهدد حاضر أمة الإسلام ومستقبلها في الوقت الحالي هي ظاهرة الانقسام الطائفي والعرقي التي بدأت تطفو على السطح الخارجي وتطلّ بوجهها المرعب في الكثير من البلاد العربية والإسلامية. *هل صحيح أن الفضائيات العربية تنتظر شهر رمضان المبارك ليس لتغذية روح الصائمين ولكن لإشغال ليلهم ونهارهم بمفسدات الصيام؟ شهر رمضان لم يعد شهر الصيام أو القيام، أو التدبر، والتفكر، ولم يعد شهر القرآن، بل أصبح شهر الفضائيات و المسلسلات، و ما يحدث هذا العام من قبل معظم الفضائيات لم أجد له مثيلا طوال عمري،فقد حشدت كل ما لديها من أسلحة شيطانية وأنفقت الملايين بل ربما وصل حجم إنفاقها للمليارات،بهدف تحقيق المكاسب المادية وإلهاء الناس عن العبادة، فالمسلسلات والبرامج و السهرات الشيطانية التي تعرضها تهدف إلى إلهاء كثير من شبابنا عن الطاعة والعبادة،وتتبارى هذه القنوات في عرض أعمالها في وقت الإفطار وصلاة العشاء والتراويح وقراءة القرآن، وربما يقول قائل: إن المصرّ على العبادة لا يهمه كل ما يبثّ، لكني أقول: هذا ليس صحيحا فهناك من يتأثر بالفعل وينصرف عن العبادة لمتابعة تلك الأعمال وتضيع عليه أوقات الصلوات وتتداخل،ولا يكون لديه وقت لقراءة كتاب الله ولا القيام والاستغفار،أن الأمر بالفعل جد خطير يحتاج للتصدي، فلقد أفسدت بالفعل تلك القنوات على الناس عبادتهم بسبب هذه الأعمال التي يعلن عنها منذ فترة طويلة لجذب المشاهدين وتشويقهم.فهناك سباق محموم بين الفضائيات لجذب أكبر عدد من المشاهدين لتحقيق أعلى المكاسب المادية مستخدمين الأفكار الهابطة ومشاهد الإغراء والإثارة ولغة الحوار المبتذل والمتدني،وكل من يلقي نظرة على ما يتم عرضه على معظم تلك الفضائيات هذه الأيام يُدرك تلك الحقيقة المُرة و هي أننا أفرغنا جوهر الأشياء من محتواها و تركنا مكانها كل ما يخالف شرع الله،أن القنوات التلفزيونية من جهة و شركات الإنتاج الفني من جهة ثانية وشركات الإعلان التجاري من جهة ثالثة هي التي تقف وراء المحاولات التي لم يسبق لها مثيل لإفساد الشهر،وأنه وسط كل ما يفعله عدد غير قليل من الفضائيات نجد أن الفضائيات الدينية هي الأخرى لم تنجح في سحب البساط من الفضائيات الماجنة في هذا الشهر ولم تقم بما يجب عليها للتصدي للأخلاقيات وللنماذج الفاسدة التي يتم الترويج لها والتي تبعد كل البعد عن ديننا الحنيف، ويقول:لقد انصرف الناس عن الفضائيات الدينية إما بسبب التشدد الزائد الذي يخرج الدين عن إطاره الصحيح وإما بسبب التساهل والتهاون، فلم تنجح في تقديم وسطية الدين وسماحته لم تنجح في جذب الناس إليها ومن ثم لم يصبح لها تأثير فعال وقوي . *تصحيح صورة الإسلام أصبح واجباً قومياً على الأمة فكيف نحقق هذا الواجب وما هو الدور المأمول لجامعة الأزهر في هذا الصدد؟ تصحيح صورة الإسلام في العالم وتقديم خطاب ديني معاصر ينطلق من الثوابت الإسلامية ويتناسب مع روح العصر نحن بالفعل نعتبره مشروعاً قومياً للأمة الإسلامية يجب أن ينصهر فيه الجميع لتحقيق الهدف الأسمى وهو دحض الشبهات التي يحاول البعض إلصاقها ظلماً بالإسلام وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن هذا الدين الحنيف،وعلى صعيد جامعة الأزهر فإن خريجي كلية العلوم الإسلامية وكلية الدعوة سيساهمون في هذا الأمر بشكل فعال فضلاً عن أن الملتقيات والمؤتمرات التي تشارك فيها جامعة الأزهر وتنظم كثيراً منها الرابطة العالمية لخريجي الأزهر من الممكن أن تسهم بشكل إيجابي في تحقيق هذا الهدف . * هل تؤيد الفتاوى الفردية أم ترى أن الفتاوى الجماعية هي الحل خاصة في ظل فوضى الفتاوى التي تشهدها الساحة في الوقت الحالي؟ بالتأكيد هؤلاء أحد الأسباب الأهم في انتشار فوضى الفتاوى على الفضائيات والتي يعاني منها المسلمون بشدة خلال الفترة الحالية، ونحن نرفض الفتاوى الفردية ونؤكد أن الفتاوى يجب أن تكون مؤسسية تنطلق من الجهات والمؤسسات الخاصة بالفتوى داخل البلدان الإسلامية وهي كثيرة وذاخرة بعلمائها،وهذه المؤسسات هي القادرة على تأصيل الفتوى بشكل علمي وديني يساعد على أخذ الناس لتعاليم دينهم بشكل صحيح،لأنه للأسف الشديد الفتوى في الوقت الحالي للأسف الشديد أصبحت كلأً مباحاً يرتع فيه كل من هب ودب،و الفضائيات للأسف الشديد أهملت التخصص الديني ونصبت مفتين للناس صالحين من وجهة نظر القائمين على هذه الفضائيات فقط وليس من وجهة النظر الدينية الصحيحة،أما الفتوى الصحيحة فلها مؤهلاتها وضوابطها وهي أمر خطير جدا جدا لأن المفتي يعد بمثابة المبلغ عن رب العالمين في أحكام الشريعة،ولذلك فإننا نقول للمرة الألف لسنا مع الفتاوى الفردية وإنما الفتاوى المؤسسية لأن المؤسسة تعتمد على الفتاوى الجماعية المتفق عليها. *العالم الإسلامي للأسف الشديد أصبح منقسماً على نفسه ما بين طائفية ومذهبية وعرقية إلى آخره فكيف تنظر إلى هذا الأمر ومدى تأثيره على حاضر ومستقبل الأمة الإسلامية؟ أخطر ظاهرة تهدد حاضر أمة الإسلام ومستقبلها في الوقت الحالي هي ظاهرة الانقسام الطائفي والعرقي التي بدأت تطفو على السطح الخارجي وتطلّ بوجهها المرعب في الكثير من البلاد العربية والإسلامية خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد التدخل الأجنبي والصهيوأمريكي في كثير من بقاع العالم العربي والإسلامي،فالسياسة أصبحت تلعب دورا أساسيا في إشعال لهيب الفتن الطائفية مثلما تلعب دورا في إطفائها، بل كثيرا ما تكون الفتن الطائفية والحروب الأهلية ناتجة عن ألاعيب السياسة وحسابات السياسيين أكثر مما هي نتاج الجماعات والطوائف،والجماعات الطائفية لا تتورع عن ممارسة العنف والقتل الطائفي بحجة الدفاع عن المذهب أو الطائفة،وإن هذه الجماعات بحكم ما يطبعها من ضيق الأفق الفكري والديني، فإنها تدفع الأمور دفعًا نحو تعميق التمزقات الدينية والاجتماعية وزعزعة أسس الاستقرار العام، ومن ثم تجعل من المعطى الديني عامل تفجير للحمة الداخلية وتمزيق عرى السلم الأهلي بدلاً من أن يكون عامل توحيد ورأب للتصدعات،وإن الاستسلام لنزعات الجهالة والتعصب المذهبي التي تجتاح بعض البلاد العربية والإسلامية معناه نسف ما تبقى من مقومات مشروع النهوض الإسلامي من الجذور، وإخراج العرب والمسلمين من دائرة التاريخ أصلا بعدما تم محاصرتهم في الجغرافيا. *كيف تنظر إلى الحملات الشرسة التي تشنها بعض الجهات المعادية للإسلام والمسلمين خاصة في الغرب؟ ** إن الحملات والهجمات الشرسة وهذه الأطروحات المنظمة للغاية ضد الإسلام والمسلمين تأتي نتيجة طبيعية لرغبة الغرب في سيطرة النموذج الغربي وفرض العولمة على العالم العربي والإسلامي، وأن هذا الاتجاه يمثل معايير مزدوجة في عالم تتشدق فيه المدنية الغربية بأنها قدمت نموذج حقوق الإنسان للعالم المعاصر رغم أنهم ينتهكون أبسط حقوق الإنسان عندما يتزعمون تلك المخططات، وأن هذا الموقف غير مستغرب لأن الإسلام بقيمه وعقيدته وشريعته هو المعضلة الرئيسية أمام العولمة الغربية،وأن الغرب يتعالى على المسلمين بتقدمه المادي ومساعداته لبعض الدول الإسلامية،ولمواجهة هذه المخططات المتربصة بالإسلام ديناً وأمة يجب تكاتف كل القيادات الإسلامية والعلماء لمواجهة هذه الحملات واستخدام القنوات السياسية والإسلامية لتقديم الإسلام الصحيح وتقديم موقف موحد يعبر عن الهوية الإسلامية،وأن ذلك يضاعف من مهمة القادة في العالم الإسلامي لإصلاح أحوال المسلمين والاعتماد على أنفسنا اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً بدلاً من الوضع الحالي الذي جعل المسلمين عاجزين عن المواجهة والتقدم والتنمية رغم غنى العالم الإسلامي بموارده الطبيعية التي هي في الأساس المطمع الرئيسي للغرب.