جاءت رسالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حول الوضع في سوريا لتكسر الصمت العربي والتردد الدولي تجاه ما يحدث في سوريا. وهي وإن واجهت انتقادات سلبية من القيادة السورية ومن يدور في فلكها، فقد لاقت أصداء واسعة في وسائل الإعلام العالمية التي أشادت بموقع المملكة الريادي وتحملها نهج المبادرة في دعوتها إيقاف آلة القتل وتفعيل إصلاحات شاملة وتحريك الساحة الدولية لإنهاء الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري الشقيق. وإذا كان الموقف السعودي سباقاً تجاه الوضع في سوريا فإنه عبر عن موقف أخلاقي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عكَسَ موقف المملكة تجاه انتفاضة الشعوب العربية في أنحاء متفرقة من الوطن العربي. فقد كانت القيادة السعودية حاضرة خلال الربيع العربي تجاه كل الشعوب العربية التي تعرضت للثورات من قبل شعوبها، في تعزيز لمطالبات الشعوب ودعوة صادقة للتغيير داخل تلك الأنظمة والتي من شأنها أن تنعكس إيجابا على استقرار الأوطان العربية المجاورة. ودعوة الإصلاح التي حث خادم الحرمين الشريفين القيادة السورية عليها، وإن دفعتها الأحداث المأساوية التي تحدث في سوريا، إلا أنها ليست دعوة جديدة. فرؤية الإصلاح السعودية لم تقتصر على الإصلاح في الداخل السعودي، بل تعدت إلى سعي المملكة لتقديم مشاريع لإصلاح المنظومة العربية كلها . . وهي رؤية تكاد تتنبأ بما يحدث اليوم!! فقد قدمت المملكة إلى المجتمع العربي، من خلال ورقة عمل تقدمت بها إلى جامعة الدول العربية في عام 2005 مشروعاً يتعلق بإجراء إصلاح في العالم العربي. وهو مشروع يعترف بأن أزمة النظام العربي هي أزمة مرتبطة بقيادات العالم العربي وقد أشارت «المبادرة السعودية لإصلاح الوضع العربي» - وهي مبادرة لافتة .. وتدعو للدهشة - إلى أن الوقت قد حان لبعث اليقظة في نفوس الأمة وشحذ الهمم للبرهنة عن مقدرة العرب وتصميمهم على إثبات حيوية أمتهم وقدرتها على مجابهة التحديات والمخاطر التي تحملها التطورات الراهنة وتداعياتها المتسارعة عبر العمل معا من اجل تغيير الواقع المرير الذي تعيشه الأمة العربية مصداقا لقوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.) وكان أهم محور ركزت عليه المبادرة السعودية هو إقرارها بأن الإصلاح الذاتي وتطوير المشاركة السياسية داخل الدول العربية هما منطلقان أساسيان لبناء القدرات العربية وتوفير شروط النهضة العربية الشاملة وتلبية متطلبات الانخراط الايجابي في ميادين المنافسة العالمية وتحقيق التنمية المستدامة وإيجاد برامج لتشجيع الإبداع والفكر الخلاق والتعامل بموضوعية وواقعية مع المستجدات والمتغيرات المتلاحقة على الساحة الدولية. ولقد سبق هذه المبادرة السعودية طرح مُتقدم لمفهوم الإصلاح قدمه سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في ندوة إصلاح البيت العربي «المحور السياسي» ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية في الرياض 26 شوال 1424ه الموافق 20 ديسمبر 2003، أكد فيه بأنه «آن الأوان لأن نمتلك الشجاعة الكافية لنقرر أن الإصلاح الذاتي وتطوير المشاركة السياسية هما المنطلقان الأساسيان لتجاوز الأزمة الهيكلية التي تتعرض لها دولنا العربية، وهما المدخلان العمليان لبناء النهضة العربية الشاملة والتعامل بموضوعية وواقعية مع المستجدات والمتغيرات المتلاحقة على الساحة الدولية على الصُعد السياسية والاقتصادية والتقنية والمعلوماتية». وهكذا .. وفي ظل المستجدات التي طرأت على الساحة العربية فإنني أرى أن الوقت قد حان لأخذ هذه المبادرة السعودية مأخذ الجد. واعادة طرح هذه المبادرة الخلاقة مرة أخرى فلعل فيها المخرج المناسب لمواجهة التحديات الحالية التي تعيشها أمتنا العربية، ولإعادة هيكلة عالمنا العربي على أسس جديدة تأخذ في الحسبان مطالب الشعوب .. قبل مطامع القيادات!! [email protected]
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain