في ظل الغم العربي المتواصل، والفقد الذي يداهم أفئدتنا في هذا الشهر الكريم، أحاول أن ألتقط بعض من مشاهد الهزل الاجتماعي، التي ترتبط ببعض المواسم كرمضان، وهي بالمناسبة متكررة كماً وكيفاً، مما يؤكد أننا مازلنا في مرحلة الحبو لم نتعلم إلا القليل. أود أن يشرح لي أحد ما علاقة رمضان بالسيارات، حتى أصبحت نشرات التخفيض المشعة تلاحقنا في المنزل، والجريدة تعلن عن تخفيضات رمضانية أعتقد -والله العالم- أنهم يظنون أنها من هدايا العيد الشعبية. يصبح المطبخ في رمضان محور حياة المرأة وعدوها الأول، تقاتل فيه وتنافح بكل الأسلحة المنقولة والمفترضة والمقترضة من الأخوات والجارات، هجوم أولي للإفطار تسانده رزم الطيبات والكتيبات والمنكهات، لتخرج سفرتها العامرة، يليه هجوم آخر لإخراج سفرة السحور، لينتهي المسلسل اليومي وهى تئن تعباً وإرهاقاً، وأسرتها المسكينة تئن تخمة. مسكينة مكبات البلدية التي تشكو أساساً من العمى والضيق وجروح النابشات اليومية، إلا أنها في رمضان تنوح من السيول المنهمرة التي لن ينفع فيها سد ترابي ولا حتى فضائي، فمازلنا نؤمن عندما نشتري طعامنا أن واحد يساوى عشرة. الصيام عند البعض صوم ونوم، وبينهما طازج أي تخمة طعام، ومسلسلات تذهب بالباقي من روحانيات الصيام. لا أعرف لما تصر بعض القنوات على استغباء المشاهد بأسلوب فج لا يُسمن إلا محفظتها، متجاهلة في سبيل الانتفاخ الرمضاني للكعكة الإعلانية المتهافت عليها من الجميع تاريخها كقناة وحرفيتها، وإلا ماذا تسمي برامج الفوازير عفواً (القفز العشوائي) لترديد سذاجات مملة لا تُسمن ولا تُغني من جوع.. أيتها القنوات احترمي المشاهد يحترمك. أتاحت لي دراسة عن رسائل الجوال -أقوم بها منذ سنوات- إلى التأكد أن معظم الرسائل المتداولة بين الناس تخلو من الدفء الحقيقي والخطاب الشخصي، وينقصها الذاتية الموجهة من النفس للنفس، لأن معظمها مطروح في المواقع، ومتناقل بين الناس، لذا غالباً ما تأتي في مقام تحصيل الحاصل الذي يغني عن المعاتبة. الدراما السعودية مازالت تدور حول ذاتها في رتابة، فالوجوه والأساليب والمعالجات خطها واحد لم يتغير إلا قليلا، تطارد هدفها الأول الذي يتلخص في استحلاب الضحكة غصباً من المشاهد، باعتبارها حلوى الإفطار التي تعوّد عليها المشاهدون، والمرء ملك العادة ولو كانت مرة، ويمكن أن ذلك يكفيها، أما التغيير الإيجابي المفترض الذي تدعي أنها تهدف إليه فذاك حديث آخر قد لا يعنيها كثيراً استناداً إلى واقع ما تطرح والدليل شاهدوها. تُرى هل جرّب أحدنا أن يُقاطع التلفزيون قليلاً في رمضان باعتباره شهر عبادة، لا شهر مسلسلات، تتجاوز في غالبها تحفظات المجتمع قولاً وفعلاً..؟! وقد نجح البعض خلال سنوات في حشد حملة مقاطعة على (الفيس بوك) مازالت مستمرة تحت عنوان: «العودة إلى الله مسلسل يحبه الرحمن ويبغضه الشيطان». [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (64) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain