"لم نتوقع أن نرى هذا المشهد الذي هزنا جميعًا، ووقفنا مشدودين كيف نتصرف إزاءه، فقد كنا مجموعة من الدعاة السعوديين في زيارة لأحد الملاجئ في البوسنة قبيل الإفطار، وأخذنا معنا الإفطار والمشروبات والهدايا لإدخال البهجة والسرور على من في الملجأ وإشعارهم أننا اخوة، وأن هذا واجبنا تجاههم، ونذكرهم بفضائل الشهر الكريم، وتعاون وتآخي المسلمين فيما بينهم، وما إن دخلنا الى بوابة الملجأ حيث وجدنا العجزة وكبار السن ورحبنا بهم، حتى انتحى بنا المسؤول عن الملجأ، وطلب منا زيارة إحدى الغرف العلوية، فصعدنا معه وتوقعنا أننا سنرى بعض كبار السن الذين يصعب عليهم النزول، وما ان صعدنا للمكان حتى وجدنا فتيات في العاشرة والحادية عشرة من العمر، عددهن إحدى عشرة فتاة كن في حالة نفسية صعبة، وكانت المفاجأة التي اذهلتنا، انهن ممن فقدن آبائهن وامهاتهن، وكانت إحدى منظمات تجارة الرقيق في سيراييفوا تستعد لتسفيرهن إلى دولة اوروبية، وفي اللحظات الأخيرة تم إحباط المؤامرة ليأتي بهن في هذا الملجأ مع العجزة والنساء " ويكمل القصة الشيخ محمد بن سليمان المعيوف الداعية المعروف، والذي له دور كبير في الدعوة في اوروبا الشرقية قائلا: صعقنا من هول المفاجأة، وحاولنا تهدئة هؤلاء الصغيرات والتخفيف عليهن، وعاهدنا الله أن نقوم برعايتهن وتعليمهن وتربيتهن والحفاظ عليهن، ويستكمل: طلبنا من إدارة الملجأ تقريرًا بحالة الفتيات وأوضاعهن وما هو المطلوب لكفالتهن كفالة تامة سواءً مع أسر مسلمة تصونهم أو في دور رعاية، وعرضنا الأمر على أهل الخير الذين قاموا بكفالتهن. ويضيف المعيوف أنه قضى خمسة أيام من رمضان في الدعوة في البوسنة، بصحبة دعاة آخرين وجد كيف أن هذا الشعب متمسك بدينه وعقيدته، ومحب للمملكة وقادتها ومواقفهم القوية في دعم الشعب البوسني في محنته، مضيفًا عندما كنا نتجول في أي مدينة بوسنية كان يقابلنا المسلمون بالتحية "مسلمان ..مسلمان" اعتزازا بالإسلام، وأضاف: إن المملكة والمؤسسات الخيرية التي تنطلق منها شيدت أكثر من 300 مسجد في البوسنة ومعظم المراكز الصحية والمستشفيات والمؤسسات التعليمية، ويوجد ستة مراكز إسلامية كبرى أشهرها مركز الملك فهد الثقافي ومركز الأمير سلمان، ومركز الأميرة الجوهرة والمركز السعودي في زينتسا وكلها منارات علمية ولها برامجها المتنوعة في شهر رمضان. ويقول المعيوف: إن المساجد في البوسنة تكتظ بالمصلين خلال شهر رمضان بل يتم استئجار الملاعب والصالات الرياضية لأداء صلاة التراويح، وهناك يصلونها 23 ركعة مثل الحرم تمامًا، ولكن تكون ركعاتها خفيفة جدًا، يقرأ الامام ثلاثة آيات أو اثنتان في الركعة الواحدة، وقد تستغرق صلاة التراويح 20دقيقة فقط، وإذا اأطال قد يتعرض للعتاب من البعض. ويقول الشيخ المعيوف: رغم التقدم العلمي والتقني وضبط المواقيت إلا أن البوسنيين مازالوا يفطرون على المدفع ويصومون على المدفع، وهم متمسكون بهذا التقليد، ويقول: إن تعلم القرآن الكريم منتشر بقوة في القرى والمدن، ويتذكر إنه زار احدى الحلق في إحدى القرى ووجد بحلقة قرآنية واحدة 120طفلاً، مؤكدًا أن إقبال البوسنيين على تعلم القرآن الكريم كبير جدًا، فهم يعتزون أن تقول عنهم "مسلمي البوسنة" في مقابل "كروات البوسنة" و"صرب البوسنة"، وأن المشيخة الإسلامية تقوم بدور كبير في تعريف الناس بالإسلام، مؤكدًا انها تختلف عن المشيخات الإسلامية الأخرى في أوروبا الشرقية حيث لا يوجد صراع أجيال بين المشايخ، والدور الذي يقوم به مفتي البوسنة الشيخ مصطفى سيرتش كعالم شرعي هو الذي جنب المشيخة الصراعات بين الأجيال.