بعد مضي أقل من أسبوعين على إعلان توصل قادة منطقة اليورو إلى حل لأزمة ديون اليونان السيادية، وبلورة حزمة إنقاذ ثانية لأثينا، تدخل منطقة اليورو في دوامة جديدة قد تكون أشد خطورة مما شهدته حتى الآن؛ بسبب ثقل الدول التي قد تطالها الأزمة وفي مقدمتها إيطاليا وإسبانيا ثالث ورابع القوى الاقتصادية في أوروبا. وأجرى رئيس منطقة اليورو رئيس وزراء لكسمبورغ جان كلود جونكر أمس مشاورات طارئة مع وزير الخزانة والمال الإيطالي جوليو تريمونتي على خلفية تنامي المضاربات بشأن المتاعب المالية للحكومة الإيطالية واحتمال تقدمها بطلب للحصول على مساعدة عاجلة من الاتحاد الأوروبي. ويأتي اللقاء قبل ساعات فقط من مخاطبة رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلسكوني للبرلمان الإيطالي بشأن تفاقم أزمة الديون في ايطاليا. وكانت المفوضية الأوروبية أعلنت في وقت سابق أن إسبانيا وإيطاليا ليستا بحاجة حاليًا إلى خطط إنقاذ شبيهة بخطة إنقاذ اليونان. ولكن الأسواق المالية والمتعاملين واصلوا ضغوطهم على العملة الأوروبية خلال الساعات الأخيرة. وأجرى وزير الخزانة والمال الإيطالي جوليو تريمونتي اتصالات هاتفية مع مفوض النقد الأوروبي أولي رهين لبحث سبل القيام بتحرك أوروبي لوقف مضاربات الأسواق المالية. وبلغ فارق قيمة سندات الديون بين ألمانيا من جهة وكل من إسبانيا وإيطاليا أعلى نسبة له منذ 12 عامًا ويطالب الاتحاد الأوروبي بأن تعلن الحكومة الإيطالية بشكل سريع عن خطة إنعاش اقتصادية قابلة للصمود أمام المضاربين. وفي حين لم تفلح التدابير المتخذة في واشنطن لاحتواء أزمة العجز الأمريكي في تهدئة أسواق المال تضطرب نفس هذه الأسواق على خلفية تنامي الشكوك في قدرة الاتحاد الأوروبي هذه المرة على تجنب تنفيذ خطة إنقاذ جديدة وبحجم أكبر لإيطاليا وإسبانيا. ويتعلق السؤال الرئيس حاليا بالقدرة الفعلية لدول منطقة اليورو مجتمعة على مواجهة هذه الفرضية وهو ما يمثل ميدان المناورة الفعلي والحقيقي للمضاربين وأسواق المال ووكالات التصنيف التي لم تمهل المسؤولين الأوروبيين أكثر من أسبوعين لمعاودة الهجوم ويسود الاعتقاد في بروكسل - مقر مؤسسات الاتحاد الأوروبي - أنه على الدول المعنية بملامح الأزمة المعلنة أن تتحرك بشل فردي قبل الدعوة إلى تحرك جماعي أوروبي قد لا يكون مثمرا في نهاية المطاف. وفيما فتحت ايطاليا اتصالات مع شريكاتها الأوروبيات وأعلنت عن مخطط لإنعاش اقتصادها فقد عقد رئيس وزراء إسبانيا خوزيه ثاباتيرو اجتماعا عاجلا في مدريد لمعاينة الموقف.