خرج المصريون أمس إلى ميدان التحرير لاستطلاع هلال مصر الجديدة وكل يؤكد أنه يراه! الإخوان المسلمون يهتفون، والسلفيون يصرخون، والليبراليون يصيحون، والعلمانيون يناشدون، والأقباط ينادون. يموج الميدان بأصوات المستطلعين ويفسح قلبه لجميع البيانات عن رؤية الهلال.. هذا بيان يؤكد أنها إسلامية إسلامية مصر هتفضل إسلامية، وبيان آخر يقول حرية تطهير عدالة اجتماعية، وثالث يردد ديمقراطية ديمقراطية، ورابع يؤكد كرامة تغيير وحدة وطنية. شيئا فشيئا تخف حدة التخويف والتهديد والتهوين وتنبعث من منصة الإسلاميين أصوات ترانيم مسيحية قبل أن يهتف الجميع (أيد واحدة أيد واحدة). يصطف الجميع لأداء الصلاة وكل يدعو بما يجيش بصدره. فهذا يريدها إسلامية وذاك يراها سلفية، وهناك من يريدها ليبرالية، ومن الواقفين من يتمناها علمانية.. لكنهم جميعا مع الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. والحق أن مصر تستطيع أن تكون ذلك كله أو كل ذلك إذا التزم الجميع بأداب الحوار وأصول الخلاف.. تستطيع مصر أن تحافظ على هويتها المسلمة وروحها المتسامحة، وقلبها الذي يسع مسلميها وأقباطها.. تستطيع مصر الجديدة أن تضم أقصى اليمين مع أقصى اليسار بمنهج وسطي قائم على القسط والعدل. لقد كان من الضروري أن تخرج التيارات الإسلامية لتثبت لنفسها قبل غيرها أنها موجودة وحاضرة بقوة مثلما خرجت التيارات الليبرالية بقوة أيضا في أوقات سابقة.. أما وقد حدث فليهدأ الجميع قليلا ولينصرفوا لتقديم رؤيتهم الواضحة لمصر الجديدة التي استطلعوا هلالها أمس. انتهى المشهد الكبير في ميدان التحرير قبل أن يخرج الشيخ عاصم عبدالماجد بصلف لا يليق على شاشة التلفزيون المصري ليسفه من كل المليونات التي خرجت قبل مليونية الأمس باعتبار الأخيرة هي مليونيته فقط مقللا من شأن كل التيارات بدعوى اختطافهم لمصر بعد أسبوعين من ثورة 25 يناير، وعندما تقدم الأديب الكبير جمال الغيطاني للرد عليه، يسعى الشيخ لإصلاح ما نطق به فيزيد الأمر غموضا وتعقيدا. لقد انتهت منصات النهار في التحرير بسلام وحوار هادئ قبل أن تنتصب أو تنصب (من النصب) في المساء منصات تلفزيونية فضائية للتشويش والتشويه والتجريح، وفي ضوء ذلك يصبح التعجيل بإصدار بيان رسمي من المشير طنطاوي عن رؤية هلال واحد ضرورة قصوى قبل أن يغم على مصر كلها مستقبل مظلم. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain