عاشت بعض الدول العربية في الآونة الأخيرة مظاهرات شعبية البعض منها استطاعت إسقاط بعض الأنظمة فيها ، والبعض الآخر لازال يعاني تلك المظاهرات التي استنزفت مقومات ومدخرات تلك الدول فثورة تونس الأولى شهدت فرار بن علي خارج الديار ، بينماثورة مصر شهدت تنحي مبارك الذي مازال مطالبا بالمحاكمة رغم الخطابات المتكررة ومسيرة العطاء التي يذكرها من خلال مسيرة (62) عاما من المسيرة السياسية التي عاشها حتى تنحيه عن السلطة . أما الثورات العربية الآخرى في ليبيا واليمن وسوريا فما زالت تعاني منها تلك البلدان نظير الأنقسامات الشعبية بين مؤيد للسلطة ، ومعارض لها ليس هذا فحسب بل يطالب بإسقاطها من الحكم رغم الخطابات المتكررة والمنادية بالحوار والإصلاح للوصول إلى السلطة بالطرق السلمية ، ومعالجة القضايا الشائكة ، والمشكلات مهما كانت صعوبتها وتعقيداتها بعيدا عن الإنقلابات والمظاهرات والمؤمرات والفتن والإرهاب والعنف التي لا تخدم مسيرة البناء والاعمار في هذه البلدان العربية . ليبيا ، واليمن ، وسوريا فقدت من خلال هذه المظاهرات الكثير من الأبرياء الذين سالت دماؤهم على هذه الأراضي العربية ، بينما هناك الكثير والكثير ممن ينتظرهم نفس المصير مالم تتوقف هذه المظاهرات التي وصلت إلى حد الإرهاب كما حصل للرئيس اليمني(علي عبدالله صالح) في تلك الحادثة المروعة المتعلقة بتفجير دار الرئاسة اليمني في يوم الجمعة المشهود ، والذي نتج عنه إصابة الرئيس بإصابات بليغة بالإضافة إلى استشهاد العديد من عناصر الحراسة من خلال تلك العملية الإرهابية التي لا يجيزها الشرع ، ولا الدين ، ولا حتى الأخلاق . عموما عالمنا العربي يعيش مرحلة خطيرة من الشتات بين حكامه وأبنائه ، وهذه المرحلة تعد منعطفا خطيرا يهدد وحدة وسلامة هذه الشعوب ، بل يزيد من أطماع القوى المعادية التي تريد السيطرة على هذه البلدان وشعوبها كالعبيد ، والاستفادة من مدخراتها نظيرهذه المظاهرات التي أصبحت ديدن الكثير من الناس في تلك الدول حتى بعد إسقاط الأنظمة فيها كالمظاهرات ضد إدارات بعض الوزراء ، أو البنوك ، أو ... ومن هذا المنطلق فإن الجامعة العربية مطالبة بالإسراع والمساهمة في حل تلك الخلافات ، والقضاء على هذه المظاهرات من خلال الإصلاح بين الشعوب وسلطاتهم حتى لا تتفاقم المشكلة وتصبح الدول العربية دويلات تنذر بسقوط حال الأمة العربية التي أصبحت مسرحا للصراعات المفرحة للآخرين ، ولكم في سودان العرب خير مثال فهذا الكيان ظل موحدا تحت مسمى سودان واحد لفترة تزيد على قرنين من الزمن ، والآن أصبح هناك سودان الشمال وسودان الجنوب ، القسم الأول عربي ،والآخر لازال مترنحا بين الانضمام للعرب ، وبين الانضمام لإفريقيا رغم أن الثاني هو الأقرب من خلال الدعم غير المحدود من القوى التي تجد في هذا الجزء تحقيقا لمصالحها . إن التعاون في حل مشاكل وقضايا العالم العربي هو مطلب كل العرب الذين يريدون العزة لأمتهم ، والعيش في سلام بعيدا عن تلك الصراعات الفتاكة عاملين بقوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان ) من خلال الرجوع إلى شرع الله ، والجلوس على طاولة المفاوضات السلمية كل يطرح مالديه من الأراء والمطالبات والإقتراحات لتتبلور كلها لتصبح رافدا من روافد العطاء والبناء والوفاء لهذه الشعوب العربية ، ولتدحر كل القوى العدائية ، فهل تعي شعوبنا العربية معنى هذه المظاهرات المميتة ، وتعمل على إيقافها ، أم تستمر لتهلك أبناءها ، وتقضي على خيراتها ؟؟؟ عبده بلقاسم المغربي- الرياض