يُحكى أن جنرالا عثمانيا تقاعد عن العمل وحن إلى حياة الضبط والربط والسلطات التي كان يتمتع بها قبل تقاعده فقرر أن يجلس أمام أحد المساجد ويضع مجموعة من الأباريق كي تكون سبيلا للشاربين. وعمد إلى تلوين أباريق الشرب بألوان مختلفة، وما أن يتناول أحد الأشخاص أحد الأباريق بلون فإنه يأمره بإعادته وأخذ إبريق آخر بلون مختلف؟! وقد عُرف هذا الرجل باسم «سلطان الأباريق» .. ووصف ما يقوم به من سلطات بأنها «إمارة أباريقي»؟! فهو كان يريد أن يشعر بأهميته وبأنه يستطيع أن يتحكم وأن يأمر وأن ينهى مُسترجعاً بذلك سلطاته القديمة التي فقدها مع التقاعد. ومثل هذا «السلطان» تجده في كل مؤسسة حكومية، خاصة الخدمية منها. لذا فقد اقترحت أن تتبني هذه المؤسسات شعاراً نستمده من تعاليم ديننا الحنيف، يوضع في مدخل كل وزارة وهيئة حكومية، خاصة الخدمية منها ينطلق من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم من ولي من أمر أمتي في شيء فشقّ عليها فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي في شيء ورفق بها فارفق به». وقد يكون قوله صلى الله عليه وسلم: «يسّروا ولا تعسّروا» هو أقرب إلى هدفنا. فهذا الحديث الشريف يوضح لنا التيسير في أمورنا ونتجنّب التشديد على أنفسنا. وآمل أن يُدرس هذا الاقتراح بجدية ويخرج هذا الشعار إلى النور ليراه المواطن في كل وزارة ومؤسسة وهيئة حكومية ويكون قدوة لكل موظف في عمله، وعامل في مصنعه، ومسؤول على كرسيه. لقد كان معالي الدكتور غازي القصيبي – رحمه الله –سباقاً، عندما كان وزيرا للصحة، في تقصي راحة المراجعين والتخفيف عليهم عندما وضع شعارا اعتمده في كافة المنشآت الصحية والمستشفيات يعتمد الآية الكريمة التي تقول: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء: 80 )، واستعان معاليه كذلك بسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز لتزويد كل مريض بكتب من الأدعية الصالحة. كما وجّه معاليه بإنشاء مسجد في كل مستشفى. وللأسف الشديد أن تردي خدمات وزارة الصحة وتدهور العناية الصحية في كثير من المستشفيات الحكومية، رغم الميزانية الضخمة التي اعتمدت لها في السنوات الأخيرة، جعلت بعض الظرفاء يقترحون أكثر من شعار ليتواءم مع الوضع الحالي للخدمات الطبية ومنها : قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ) (آل عمران: 185)، أو - قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ) (الجمعة: 8)، أما الشعار الثالث فيتمثل في قوله تعالى: (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا) (مريم: 23). وهي مناسبة هنا للترحم على وزيرنا الغالي وأستاذنا الكبير، فقد كان أحد المبدعين البارزين الذين تفردوا «بنجاحات جمعت بين مواهب إدارية وقدرات أدبية ونتاج مؤسسي ونصيّ نقش اسم أبي يارا في ذاكرة وطن، يقاوم سلبية الجحود ويحتفظ للمخلصين من أبنائه ومواطنيه بمقعد الصدارة»،. فهو، كما وصفه الأستاذ علي الرباعي، «ظاهرة جمعت في ذات واحدة بين روح المبدع، وفطرة الإنسان، وعقل الفيلسوف، وحسّ المسؤول، وانتماء المواطن. رحمه الله وأدخله فسيح جنانه و جزاه الله الخير على ما قدمه للوطن. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain