لا يحتاج المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر مظاهرة في ميدان روكسي، أو في ميدان تريمف، أو حتّى في العتبة؛ لكي يتأكّد، أو نؤكّد، أو نتأكّد من إخلاصه لمصر، وتمسّك شعبها به حتى تتبلوردولة مدنية ديمقراطية قوامها العدل والمساواة. ولأن ذلك كذلك، فقد جاءت المظاهرة المؤيدة له في روكسي هزيلة، ضعيفة، لا تتناسب مع هيبة المجلس، فضلاً عن دوره الكبير. والحاصل أن كثيرين أصابهم الشك من إيقاع المتجمعين في روكسي على طريقة ما حدث في ميدان مصطفى محمود بالمهندسين؛ ليس لأن اسم روكسي يرتبط ببيت مبارك، واسم مصطفى محمود يرتبط ببيت ابنه، ولا لكون الميدانين يرتبطان بطبقة معيّنة من أبناء الشعب، وإنّما لاعتبارات أخرى ترتبط -تمام الارتباط- بالتشويش على ما يجري في قلب مصر النابض في ميادين: التحرير، والأربعين، والقائد إبراهيم. صحيح أن الذين تجمّعوا في مصطفى محمود، وفي روكسي مصريون، غيورون على بلدهم؛ لكنّ الصحيح أيضًا أن قادتهم في الميدان من أمثال نقيب الممثلين أشرف زكي، وعميد اللاعبين حسام حسن عادوا فقدّموا اعتذارهم، وأكدوا أنهم كان مغررًا بهم. لقد جاء اختراع ميدان مصطفى محمود، وما تلاه من واقعة الجمل، من بنات أفكار مستشاري مبارك، على طريقة ميدان بميدان، وأخشى أن يكون اختراع ميدان روكسي على نفس النحو. وتزداد الخطورة إذا علمنا أن الأمر لن يقتصر على ميدان بميدان، وإنّما إضراب بإضراب، واعتصام باعتصام! إن تصوير الأمر في مصر على أنه اختلاف في الرأي حد الاقتسام لن يُفيد أحدًا على الإطلاق، ومن ثم فإن تجاهل شهادات الرؤساء: الأمريكي أوباما، والفرنسي ساركوزي، والنمساوي فيشر، ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون، والنرويجي ستوتنبرج وغيرهم ممّن تحدّثوا، أو زاروا ميدان التحرير سيشوش على صورة مصر كلها، وليس على هذا التجمّع، أو الائتلاف، أو ذاك. والحق أن مصر الآن لا تحتاج مدافعين عن السلطة، أو مطبّلين لها. لكن ما يجري على أرض الواقع يؤكد أن نفس المستشارين مازالوا موجودين بغبائهم، وفجاجتهم، وحماقتهم التي عجّلت برحيل مبارك للأبد. قريب من ذلك، أو بعيد عنه، أخشي أن تكون مظاهرة الجمعة المقبل -إن حدثت- ترسيخًا لمحاولات الانقسام، ولا أقول التقسيم على طريقة الإخوة اللبنانيين، أو الفلسطينيين. ولعلّ مصدر القلق ينبع من شعار المظاهرة المقبلة تدعو المسلمين بتياراتهم المختلفة للخروج، وكأن الذين خرجوا في الجمع السابقة لم يكونوا مسلمين بإخوانهم، وسلفييهم، وجماعاتهم. إن فكرة، أو لعبة ميدان بميدان، ومظاهرة بمظاهرة، واعتصام باعتصام تؤكد أن منهج صفوت الشريف مازال قائمًا، وفكر زكريا عزمي مازال ساريًا.. وإذا دققت النظر ستكتشف أن لكل عصر صفوته، وزكريته! وأربأ بالمجلس الأعلى أن يقترب، أو يقرّب إليه واحدًا من هؤلاء.. لسبب بسيط يتلخص في كون قلوب المصريين أرحب بكثير من ميدان روكسي! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain