هي جمعية أو مؤسسة ليست فقط خيرية بل إجتماعية تنموية. تعطي بسخاء مقرونا بالحب مغلفا بالتواضع والصمت. التميز يكمن في اختيارها التربة الصالحة والمتعطشة لغيث عطائها لذلك أطلقت عليها رائدة التنمية القروية، لأنها بدأت خطواتها الأولى في مشوار العطاء في وقت مبكر قبل إعلان الأممالمتحدة اهداف الألفية الثالثة، وقبل توجه الأنظار إلى ما تعاني منه القرى النائية والريفية من إهمال تنموي في شتى مجالات الحياة؛ لأن مفهوم التنمية الريفية والقروية ليس واضحا في ذهنية بعض المسئولين، لذلك تعاني القرى والهجر من الاهمال وفي أحسن الأحوال خدمات شحيحة وغير مكتملة فيهجرها أبناؤها بحثا عن فرص حياتية تغذي حاجاتهم العلمية والاجتماعية والعملية لذلك تزدحم المدن وترتفع نسب البطالة ويزداد الفقر، من أجل ذلك ولذلك، تبدو المساهمات الفردية لتنمية إنسان تلك القرى كالبدر في الليلة الظلماء. عام 1410 أنشأت الشريفة رحمة محضار عقيل « دار الرحمة» في قرية أبي شعيب التي تقع في قلب وادي فاطمة أو على إحدى ذراعيه، أو في حجره، لا اعرف موقعها بالتحديد ولكنها قرية تشبه كثيرا من القرى التي لم يكن بها – في ذلك الوقت – مدارس حكومية لا للبنين ولا البنات.الفكرة في بدايتها، إنشاء معهد للخياطة، ثم تطورت بناء على طلب الأمهات بإنشاء دار لتحفيظ القرآن أطلق عليها ( دار الرحمة ) لتكون بوابة الخير على قرى الوادي،التابعة لمحافظة الجموم، الذي كان يعرف بوادي فاطمة، سلة الخير التي كان يطعم مكةالمكرمة وضواحيها من مزارعه الخضراء المروية بمياهه الجارية. وادي فاطمة أصبح ذكرى باهتة ، أو علامة استفهام، تبحث عن إجابة على بطاقة تعريف لما أصبحت عليه تلك المساحات من ( وادي فاطمة) ربما محافظة الجموم أكثر حضورا في الأذهان لأنها محافظة يتكرر ذكرها في الصحافة ، لكن وادي فاطمة لا يذكره إلا من عهده مخضرا نضرا بهيا ومبهجا. بدأت الدراسة في دار الرحمة ب « 35» طالبة في غرفة واحدة، وفي عام 1412ه انتقلت الطالبات إلى مبنى مكون من أربع غرف ومكتب للإدارة وأربع حلقات للتدريس بأربع معلمات كانت الشريفة رحمة عقيل تتولى عملية نقلهن من مكة إلى قرية أبي شعيب يوميا في عام 1419 بدأت أول دورة إعداد معلمات تلتها دورات ودورات لتأهيل الحافظات من فتيات الوادي للعمل مدرسات في مدارس تحفيظ القرآن التي أخذت في الانتشار في قرى الوادي. وأصبح طموح الشريفة رحمة عقيل هو تلبية إحتياجات طالباتها وأمهاتهن وأسرهن، وتوسع أنشطة الدار، فأنشأت صالة للحفلات والنشاط المسرحى، وتحولت دار الرحمة إلى مركز ثقافي بالاضافة إلى عملها الأساسي تدريس القرآن والتجويد وتأهيل معلمات عن طريق الدورات، فهي تتحول إلى مركز صيفي في الاجازة المدرسية، توفر تعليم تقنية الحاسوب، ومبادئ التجميل وفنون التطريز والخياطة، بالاضافة إلى حفلات التخرج التي تمثل متنفسا لفتيات ونساء تلك القرية. حظي سكان قرية أبي شعيب بإنشاء أول مركز للرعاية الصحية الأولية سعت لبنائه والتبرع بأرضه الشريفة رحمة عقيل مدعومة بجهود أهل الخير، وتم افتتاحه يوم السبت 16/ 5/ 1428ه . يخدم سكان عدد من قرى الوادي، وهذا يفرح الشريفة رحمة عقيل، لأن قلبها الرحيم يشفق على المرضى من سكان القرى تحمل عناء السفر إلى محافظة الجموم لمراجعة مركز الرعاية الأولية الوحيد الذي يخدم سكان المحافظة مما يجعل مراجعة الطبيب أمرا مستحيلا لكل المراجعين وهو أمر شاق على المرضى، لذلك تشرق قسماتها بابتسامة الرضى أنها أهدت للقرى هذا المركز الصحي. ولأن عمل الخير يتضاعف بالرغبة الصادقة، لا أتحدث عن الأجر والثواب فهو عند الله بل عن تعدد المشروعات التي تنشئها الشريفة رحمة عقيل في قرى الوادي، تقول أ/ اعتدال صويلح اللحياني مشرفة دار الرحمة، في كلمتها الافتتاحية لمجلة « الرحمة» الصادرة عن مدرسة دار الرحمة : (ولأن العمل الخيري كبذرة تتحول إلى شجرة وارفة الظلال فإن السيدة رحمة محضار عقيل التي بدأت بغرفة واحدة أصبحت اليوم ثلاث دور نموذجية) في كل قرية دار لتحفيظ القرآن وتنمية المهارات ، وتفعيل الطاقات، كل هذه الخدمات التعليمية والتأهيلية والترفيهية الصيفية بدون رسوم فلا أحد يدفع ريالا واحدا، هي وحدها من يتكفل برواتب المعلمات ومصاريف التشغيل والمباني وإقامة الحفلات للتخرج والتكريم بكل ما فيها من هدايا وجوائز عينية ومادية، بدعم ومساعدة أفراد أسرتها الكريمة وفي مقدمتهم السيد فضل عقيل والشريفة فاطمة التي كتبت عن رفيقة دربها وعشقها لكتاب الله في مجلة الرحمة قائلة: ( منذ أن كنا صغارا نلهو في بيت والدنا الحبيب الشيخ محضار عقيل – رحمة الله عليه- كانت شقيقتي ورفيقة دربي السيدة رحمة شغوفة بكتاب الله، فلم تكن مثل قريناتها من صبايا الحي يلهثن في فضاء الطفولة باللعب بل كانت حريصة على التعليم وخاصة تعلم كتاب الله.. وهذا ما ساعدها على ان تتبنى فتح أول مدرسة خيرية في الجموم لتعليم كتاب الله .) وفي بادرة إنسانية تثبت أن هذه السيدة تعمل بفكر مؤسسي، ورؤية إنسانية، نسقت مع الصديقة العزيزة إبتسام نصير عضوة مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين بمكةالمكرمة ، لمساعدة المعوقين من سكان الوادي، وفتحت أبواب ( دار الرحمة ) لاستقبال 15 من ذوي الاحتياجات الخاصة، للكشف عليهم وقد أتوا من قرى نائية، لتحويلهم إلى مراكز علاجية متخصصة ولتوفير الأجهزة الطبية. أكتب هذا اليوم مع يقيني بأنه لن يفرح صاحبته لأنها تعشق العمل بصمت، ولكنها دعوة لتشجيع المبادرات الفردية ودعمها وتكريم هذه الشخصيات التي تعطي دون أن تنتظر كلمة شكر أو تكريم، لكنه حق لهم وواجب علينا، وعلى أجهزة الدولة، كما أن الشريفة رحمة عقيل تستحق جائزة مكة للتميز ، وجائزة التنمية القروية ، وجائزة المبادرات الخلاقة بجدارة [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (27) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain