اختتم أتيليه جدة للفنون الجميلة نشاطه الفني لهذا العام بندوة حول معرض «مختارات عربية» شارك فيها كل من: الدكتور محمد الرصيص، والفنان طه صبان والفنان عبدالله إدريس، ومدير صالة اتيليه جدة، ومنظم المعرض هشام قنديل، وأدارها الدكتور سامي المرزوقي. حظيت الامسية بحضور غير معتاد تنوّع بين الأدباء والفنانين والإعلاميين، واستهل الندوة هشام قنديل بكلمة موجزة تناول فيها بداية فكرة «مختارات عربية» واستعرض المعارض الثلاثة السابقة التي نظمها الاتيليه تحت نفس المسمى، وأوضح أن فكرة هذا المعرض جاءت بينه وبين الفنان نايل ملا. ثم قدم الفنان والناقد عبدالله إدريس ورقته عن المعرض وذلك في مفهوم آخر وطبيعة مغايرة لمعنى التأويل، واستعرض نماذج من أعمال الفنانين المشاركين في المعرض من الأسماء المعروفة والشابة من سعوديين وعرب، وأشاد باعمال الفنانين السعوديين محمد العبلان وعلا حجازي وفهد النعيمة، كما استعرض إدريس في مقاربات نقدية تهدف لتطبيق منهج مغاير لمفهوم التأويل المباشر والمعتاد وفق مفهوم يتجاوز المعنى المبتذل وتطرّق في سياقه النقدي إلى الإشارة لكيفية التعامل مع النص التشكيلي والأدوات التي تفك شفراته والادوات الإجرائية التي تناسب كل نص وتنبع من داخله. وقال إدريس في نقده وأطروحته حول المعرض انه يحاول انتهاج نظريات أخرى في نقد الأعمال التشكيلية وهي تأتي كمحاولة للوصول إلى نتائج أكثر عمقًا ودراسة مع توظيف النظريات النقدية الأكثر ملاءمة في قراءة الأعمال الفنية. ويرى إدريس أن كل النظريات الجمالية والتيارات النقدية تتوافق في تناولها للأعمال والأجناس الإبداعية سواء في الشعر أو القصة والرواية أو الموسيقى والفنون الأخرى، لكنه يعارض في نفس الوقت أن يكون الاسقاط النقدي على العمل مغايرًا لطبيعة هذا العمل كأن يأتي النقدي بطريقة كلاسيكية على العمل الأكثر حداثة لأن مثل هذه الأعمال تتسق مع النظريات الجمالية الحديثة والتي كانت نتاج النظريات الفلسفية والجمالية. بعد ذلك تحدث الدكتور محمد الرصيص عن المعرض وقال: إنه معرض متحفي بكل المقاييس لما يضم من أعمال لفنانين روّاد عرب كنا لا نشاهد أعمالهم إلا في متاحف الفن أمثال اعمال الفنان المصري الكبير محمد سعيد والفنان جورج صباغ، واعتبر الرصيص أن المعرض جاء ناجحًا بكل المقاييس، وأشاد بدور اتيليه جدة في التقريب بين الفنانين العرب وبخاصةً المصريون ومد جسور الصداقة والثقافة معهم، وانتقد في كلمته زحمة الأعمال المعروضة في هذا المعرض وأن قاعة الاتيليه ضاقت بهذه الأعمال. فيما دافع الفنان طه الصبان عن كثرة مشاركة الفنانين المصريين في المعرض على حساب الفنانين العرب الآخرين وقال: هذا أمر طبيعي جدًا لأن القاهرة الأقرب إلى جدة وخصوصًا إننا نتبادل معهم المعارض بشكل دائم ومستمر منذ أكثر من عشرين سنة وخصوصا أن دار الاوبرا المصرية قد شهدت العام الماضي أكبر تظاهرة للفن التشكيلي السعودي حيث استضاف قصر الفنون بمصر ولمدة شهر كامل أعمال أربعة وعشرون فنانا وفنانة سعودية. أما الدكتور سامي المرزوقي فأشاد بدور الاتيليه التنويري والثقافي، وقال: الاتيليه الصالة الوحيدة في المملكة التي تجمع بين الفن والثقافة والموسيقي والشعر والتجارة أيضًا. الندوة شهدت العديد من المداخلات والتي شارك فيها كل من: الإعلامي مصطفى إدريس والذي طالب بحضور اقوى للمرأة من خلال الندوات التي تقام لانها شريك للرجل وأشاد بهذا المعرض وبأهمية الفن في حياتنا. والفنان بكر مدني في مداخلته طالب بأن يكون هناك حضور مميز للفنان طه صبّان من خلال أعماله الجديدة. وأما الفنانة التشكيلية علا حجازي فقالت في مداخلتها: هناك تفاوت في الأعمال المعروضة في هذا المعرض وتحدثت عن تجربتها واستفادتها الفنية من خلال الاطلاع على الأعمال الفنية العالمية، فيما اعتبر الفنان التشكيلي محمد العبلان انه لم يستفد أبدًا من هذه الندوة ولم تقدم له أي فائدة بسبب خروج الحوار عن مساره وهو النقد الخاص بالمعرض وطالب بأن تكون هناك قراءة جادة من الفنان عبدالله إدريس للمعرض، وأما الفنان التشكيلي طلعت عبدالعزيز فقال إن هذا المعرض ممتاز بكل المقاييس ولكنه بحاجة إلى تواجد أكبر للشباب، وأخيرًا علّق الدكتور طارق قزاز على أهمية النقد الفني وطالب بأن يكون النقد عن طريق القنوات الرسمية من وزارة الثقافة والإعلام والجمعيات الرسمية وليس من أفراد.