بعد أعوام تتجاوز العقد، يُنهي الطالب مرحلة تعليمه العام، ليبدأ رحلة جديدة مكملة لما قبلها، لكن الأخيرة أكثر أهمية وحساسية من سابقتها، إنها المرحلة الجامعية التي يترتب عليها مستقبل الدارس، فإما أن يجد مراده، ويُقبل عليه بحماس ورغبة، وإما أن ينصدم بواقع قد لا يستطيع التكيف معه، والمؤسف، أنه رغم ما يمثله التعليم العالي بتخصصاته ومجالاته المتعددة من أهمية، إلا اننا نجد أن المناهج الدراسية تُغفل هذا الجانب ولا تضع له أي اعتبار، لذا يُصبح الطالب تائهًا لا يدري لأي جامعة أو كلية أو معهد يتجه، وفي ذات الوقت لا علم لديه بتخصصات تلك الجهات التعليمية، ولا حتى بطبيعة العمل الذي ينتظره بعد التخرج، لهذا أجد حاجة ماسة لإضافة موضوعات تُثري هذا الجانب، ضمن المقررات الدراسية لطلاب الابتدائية والمتوسطة، ومن الأفضل إيجاد منهج خاص بالنسبة لطلبة الثالث ثانوي، حتى يكون التلميذ على علم ودراية، ومعرفة تامة بالمرحلة المصيرية القادمة، الأمر الذي سيجعله يحدد مساره المستقبلي، ويشعره بقيمة ذهابه لمدرسته، كما يدفعه لبذل الجهد، ويحفزه لنيل أعلى الدرجات، لأن هذا الطالب رسم خارطة طريق للغد الذي ينتظره. ومن خلال تجربتي الشخصية والتي أعتقد جازمًا أن ثمة كثرا خاضوا غمارها، حيث وجدوا أن البوصلة لا تشير لجهة معلومة يمكن الاطمئنان لها، وهذا أمر طبيعي ونتيجة متوقعة لمن أنهى المرحلة الثانوية، وبات تائهًا بين أبواب عدة لا يدري أيها يختار، فجامعات وكليات ومعاهد هنا، وعروض شركات ومؤسسات هناك، وفي وضع كهذا،لا يجد التائه بدًا من جعل اتجاه مؤشر البوصلة تبعًا لاجتهادات الأهل والأصدقاء ومن شاركهم، ولا ريب أن لذلك انعكاسات سلبية على حياة الفرد طالبًا وعاملًا، ومن هذا المنطلق، ومن مبدأ الحلول المؤقتة والعاجلة، يجب أن يكون هذا الشأن ضمن أجندة برامج المهرجانات الصيفية، حتى تكون فاعلة وتخرج عن الروتين، بحيث تقام محاضرات لتنوير الطلاب وأسرهم بأسس اختيار المجال المناسب، مع توفير مادة مختصرة على هيئة كتيبات تحوي معلومات تفيد من يطلع عليها، وفي هذا السياق أرى أن دور الجامعات وإدارات التعليم المنتشرة في مناطق المملكة ومحافظاتها في حاجة للتفعيل، لتواكب احتياجات المجتمع، ومن ذلك عقد دورات ودروس تخص ما نتحدث عنه اليوم، تلك حلول قد تُعوض النقص، إلى أن يتم إيجاد البديل الناجع، بأن تكون المناهج الدراسية تراعي ظروف المجتمع السعودي لا تحاكي الغير دون تمحيص وتدقيق، فكثيرمن الأسر لدينا قد لا تملك الثقافة الكافية لتوجيه ابنها نحو تخصص أو مجال يتناسب وإمكانياته ورغبته وميوله، وفي مقال قادم إن كان في العمر بقية، سوف نواصل الحديث عن الجامعات والتخصصات. م. عايض الميلبي-ينبع