تستعد محافظة الحرث في جازان لاستقبال سكانها بعد أكثر من عام ونصف على نزوح الأهالي إثر الأحداث التي شهدتها المحافظة مطلع نوفمبر من العام 2009 عقب الاعتداء على موقع (جبل دخان) داخل الأراضي السعودية بالقرب من مركز خلد الحدودي في قطاع الخوبة، وما تلا ذلك من عمليات بطولية للقوات السعودية في تطهير الحد الجنوبي من المعتدين الحوثيين. وتبدو المحافظة الواقعة على بعد نحو 90 كيلومترًا جنوب شرقي جازان مهيأة بحاضرتها الخوبة وقراها التي أقرت عودة النازحين إليها، والبالغة 122 قرية جاهزة لاستقبال الأهالي الذين باتوا أكثر شوقًا للعودة إلى منازلهم مسارعي الخطى لإعادة تأهيل منازلهم قبل حلول شهر رمضان المبارك. وتجري حاليًّا في محافظة الحرث أعمال التهيئة، وإعادة الصيانة والتأهيل للمحافظة وقراها عقب قيام القوات السعودية بعمليات التمشيط الأمني لكافة أنحاء المحافظة، فيما يعتبر تأكيدًا على خلو المحافظة من أية أخطار محتملة نتيجة مخلفات الحرب فيما تقوم الجهات الحكومية بعملها وفق الخطط الآنية التي وجه بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان. السوق الشعبي .. أثر بعد عين! وكشفت جولة «المدينة» في محافظة الحرث وحاضرتها الخوبة وقراها أطلالاً لحياة كانت هنا.. حيث بدا سوق الخوبة الشعبي أثرًا بعد عين، فذلك السوق بات اليوم آثارًا لسوق بعد أن كان واحدًا من أبرز معالم منطقة جازان لما يمثله من تظاهرة اقتصادية متميزة من خلال معروضاته المتنوعة، وتظاهرة اجتماعية فريدة يجتمع فيه الباعة والمشترون ليس من جازان فحسب، بل من مختلف المناطق، ومن الدول المجاورة فيما بدت المنازل أكثر سكونًا وهدوءًا، وقد خلت من أهلها فيما يبدو أنه سكون المحب للقاء حبيبه. سكان الخوبة والقرى المجاورة في انتظار قرار العودة الذي من المتوقع أن يصدر بشكل رسمي خلال أيام، بحيث يكون في مرحلته الأولى خاصًّا بعودة الأهالي لترميم منازلهم خلال الأيام المقبلة، ومن ثم تكون العودة الرسمية لكافة أهالي القرى الواقعة خارج الحرم الحدودي والتي تبلغ 122 قرية، والذي من المتوقع أن تكون عودتهم الرسمية منتصف شهر شعبان المقبل. سعادة العودة إلى المنازل وأبدى عدد كبير من مشايخ وأهالي محافظة الحرث سعادتهم الغامرة بقرب عودتهم إلى منازلهم، معربين عن شكرهم وتقديرهم لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني -حفظهم الله- على ما أولوه من عناية ورعاية بالمواطنين من أهالي محافظة الحرث إثر الأحداث التي تعرضت لها المحافظة منوّهين بالجهود التي يبذلها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، والذي لا يألو جهدًا في تقديم كل ما فيه مصلحة المواطنين. وشددوا على عزمهم إعادة الحياة إلى محافظة الحرث أجمل ممّا كانت عليه قبل الأحداث مراهنين على أن سوق الخوبة سيعود واجهة تراثية واقتصادية لجازان. يقول الشيخ موسى هزازي إن أهالي الحرث ينتظرون بفارغ الصبر العودة على منازلهم التي خلقوا فيها، وتربوا، وعاشوا كل حياتهم فوق ترابها، ويضيف نحن نريد العودة إلى منازلنا، والآن بدأت أحلامنا تتحقق هذا بفضل الله ثم بفضل جهود ولاة الأمر. ويراهن شيخ قبائل المجارشة الشيخ أحمد أبوعقيله على عودة سوق الخوبة الشعبي على سابق عهده من الازدهار والحركة الاقتصادية بما يحتويه من تاريخ وإرث يؤرخ لتاريخ المحافظة، مؤكدًا أن عودة المواطنين إلى المحافظة، ومن ثم عودة الحركة الاقتصادية ستسهم حتمًا في عودة السوق إلى سابق عهده، بل إلى أفضل ممّا كان عليه خاصة في موقعه السابق، أو في أي موقع آخر تحدده الجهات المعنية، مشددًا على أن غربة الأيام الماضية، وتلهف المواطنين سيكون عاملاً مساعدًا في عودة السوق كما كان. من جانبه اعتبر المواطن علي محمد مجرشي العودة المتوقعة للمواطنين مصدر فرح كبير لهم، بل وحتى مصرًّا للشفاء -بإذن الله- من كثير من الضغوطات والأمراض النفسية التي تعرض لها كثير من المواطنين بسبب ابتعادهم عن منازلهم، مشددًا على الرعاية التي حظي بها المواطنون من كافة المسؤولين في الدولة، والتي خففت كثيرًا من المعاناة النفسية لهم. إلى ذلك فإن أفراحًا كبيرة ستعم الجزء الجنوبي الشرقي من منطقة جازان، وتحديدًا في محافظة الحرث خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث ستكون لحظات تاريخية تلك التي يعانق من خلالها المواطنون منازلهم بعد أكثر من عام ونصف.