منذ أن تأسست الأندية الأدبية الثقافية في نهاية القرن الهجري الماضي، وهي تقوم بدور حيوي في حراك الشأن الثقافي والأدبي في المملكة، وبعد دخولها تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام عام 1426ه، أصبحت الأندية الأدبية واحدة من محركات التجاذب بين أطياف الأدباء والمثقفين والمفكرين، ولكن ظلت هناك علامات استفهام كبيرة حول آداء مجالس هذه الأندية، وكانت هناك نقاشات داخل أروقة هذه المؤسسات حول المخصّصات المالية وأنها تذهب إلى مكافآت وحوافز ولا تذهب لتطوير العمل في هذه المؤسسات وتنويع أنشطتها، مع وجود انتقادات بأن الأنشطة والبرامج تتم عبر استضافة مجموعة من الأدباء والمفكرين من خارج المنطقة ولا يستفيد منها الأدباء والمثقفون داخل المنطقة ولا يتم منحهم فرصة لتقديم إبداعاتهم ولا يوجد دعم لمواهب الشباب وتقديمهم للجمهور وتهاونت في احتضان الشباب، حتى أضحى مجتمعنا يفتقد للمواهب المقبلة والبراعم الواعدة. قراءة الواقع الأديب عمر طاهر زيلع (عضو إدارة نادي جازان الأدبي) يدلي برأيه حول هذا الموضوع قائلاً: الأندية حسب لوائحها لكل الأجيال، أما القصور والتقصير فهما مسألة مشتركة، والأندية تهتف بأنها مفتوحة، والشباب يهتفون أنها موصدة، وكل طرف ليس على حق دائماً، ولكن على الأندية الأدبية تطوير وتحديث آلياتها دائماً، وعلى الشباب والشيوخ معاً معرفة الطريق إليها، والموهوب يدل نفسه دائماً. وأكد زيلع على أن تقنيات كل عصر هي وسائل إنتاجه وآدائه وشموليته وتكاد تكون الخيار الوحيد للتواصل مع أجياله، ليس ذلك وحسب، بل على الأندية الأدبية قراءة الواقع بكل مفرداته، وأعني واقع النطاق الذي يخدمه، فهذا جيل الشباب مثلاً يتطلّب تنويعاً في الآليات والمضامين، فلم تعد الدعوات التقليدية ولا الطروحات المملة في الأمسيات المكررة والمحاضرات الرتيبة كافية لآداء المهمة، ولم تعد الاجتهادات في الاختيار والطبع كافية، فلا بد من قراءة الواقع باستمرار ووضع خطط مؤسساتية مدروسة وموثّقة وذات أثر باقٍ، مع التأكيد على أن المظاهر الاحتفالية بنمطها القبلي لم تعد ملائمة من كل الوجوه. تطهير الذهن ويرى الشاعر ملهي حسن عقدي (المشرف على مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بمنطقة جازان وعضو نادي جازان الأدبي) أنه من المناسب للأدوار الثقافية الجديدة أن تساير الأندية هذا التطور الهائل، فلا أعلم شيئاً عن صفحات أدبية تفاعلية ترعاها الأدبية أو تديرها، فالنادي مؤسسة مجتمعية وليس دائرة حكومية لأن الدولة لا توظف مثقفين بل توظف من يدير الثقافة لا غير، وأيضاً من الجيد أن يكون هناك تنسيق بين منظومة العمل التربوي وبين الأندية الأدبية، هنالك فجوة كبيرة بين ما يُدرس في المدارس وما يتداول في الأندية من ثقافة، ومن الجيد أن يكون للأندية جناح نشط يناقش الوعي العملي للمثقفين، والمثقف كما يقود حملة لتطهير الذهن من التفكير المريض، عليه أن يقود حملة لتطهير اليد واللسان من التصرفات المريضة، فهناك قضايا وأفكار يجب أن تؤسس في وعي المجتمع في الفترة الحالية، ومن ضرورات المرحلة أن تضع الأندية الأدبية لنفسها خطة للمساهمة في هذه المؤسسات الثقافية الوطنية. فجوة كبيرة القاص أحمد إسماعيل زين قال: هناك فجوة كبيرة حادثة بين جيل الأندية الأدبية في الوقت الحاضر، وبالتالي لم تستطع الأندية من خلالها تحقيق رغبات الشباب وجذبهم للمشاركة في أنشطتها المختلفة، فأصبح دورها مفقوداً، ودوران الأندية الأدبية في النشاط الثقافي السعودي وتجاذباته في الوقت الماضي والحاضر، وكأن القائمين عليها لديهم أجندة محددة يسيرون عليها غير موافقة لمستجدات كل عصر، ويعتبرون العمل في الأندية الأدبية نوعاً من التشريف لهم، لذلك هُم يعملون فيها وفق توجّه فكري معين غير مبالين بما حولهم من مستجدات ومحركات التجاذب بين الأطياف الثقافية والفكرية في البلاد، فكيف -بالله- تكون لها بصمة في هذا الحراك؟! ونحن نأمل في المستقبل أن يكون مُشرقاً بالتغييرات والمواكبة لإيجاد البصمة اللائقة لمكانة الأندية الأدبية، وأتمنى أن تُشكل مجالس إدارات الأندية الأدبية وفق تنوع يضم جميع الأطياف الثقافية والفكرية في المجتمع مع مزج خليط من المثقفين في مجلس الإدارة الواحد للنادي الأدبي لهم المقدرة على الربط بين الماضي والحاضر وكافة الأطياف الثقافية والعمل الإداري المنظم القادر على التعامل مع وسائل التقنية الحديثة ليكون بوابة عبورهم للمستقبل.