* يا سيدي أنا مواطن خدمتُ هذه الأرض سنينًا طويلة، وقدّمت لها من عمري -عمري كله- وكل ما أملك، ومن أجلها كان حضوري المبكر الذي يحقن اليوم من دمي وتعبي، وكل ذلك من أجل هذه الأرض التي أحببت، وهكذا ظلت السنين تركض وأركض معها، وبقيت أتابع نبضها، وأمدّها بالحياة من نبضي، ومن تمر يدي كانت الأيام تشرق، وما كنت أظن أن شروقها يستمد نوره من غروبي، واليوم أكتب هذه الورقة الصغيرة من أجل أن أقول لك يا سيدي: أنا ابن هذه الأرض الثمينة، وأنا ابن هذا الوطن الذي قدم له كل ما يملك، ومن أجله عمل كثيرًا، وأخلص جدًّا وضحَّى بكل ما لديه، ليكتب في جبين الوطن الفرح، ويُعلّق في عنقه قلادة من لجين!!! * أنا المواطن المتقاعد، أنا الشمس، وأنا القمر، وأنا الفجر، وأنا الحياة، وأنا القوة، وأنا الضعف، وأنا كل هذا الوجود الذي يعيشه الحاضر، وتحلق به الأجيال، وأنا رجل يرتدي الزمرد لا رجل يرتدي السواد، ولأنني مواطن أعيش على هذه الأرض الطاهرة، وأنتمي لمملكة الإنسانية، أريد أن أقول: أين أنا اليوم؟! وأين موقعي من خارطة الحياة المكلفة..؟! أين وجودي في ذاكرة اللحظة..؟!، أعتقد أنه من حقي أن أسأل عن أنا..!! وعن مكانتي في ذهن المهتمين بي كإنسان؛ كان ذات يوم يمطر من ذهنه أفكارًا يقظة، ونجاحاتٍ مذهلة، وحين انتهى به الأمر للتقاعد ضيّع كل شيء حتى موقعه، وبصدق أنا اليوم لا أعرف أين أنا من حياتي كلها!! ومن كل ما قدمته للأمس والماضي الذي غادرني دون إذني، ودون أن يقول شيئًا!!! * (خاتمة الهمزة).. أنا المواطن المتقاعد الذي يسأل اليوم عن كل لحظة مرت به!! وكل لحظة سوف تأتي نحوه ليسألها عن حياته، وعن راحته، وعن راتبه الذي بقي في مكانه، وعن زياداته، وعن كيفية الحياة في ظل هذه الحياة الباهظة الثمن، والأهم سؤاله لنفسه التي تقول له: لابد لهذا الوطن أن يهديك منه وردة وقلادة، تشعل الحياة في دمك، وتوقد قناديل الفرح في أيامك.. وهي خاتمي، ودمتم. [email protected]