في ليلة حب فريدة امتزجت بالوان اشرقت فيها انوار الحب بشكل آسر، فأضاءت مساحات العتمة.. ليلة مليئة بالفرح والإشراق.. ليلة كان فارسها -رحمه الله -أديباً وعالماً ومفكراً وصاحب قلم كبير.. رجل مليء بالإنسانية.. محمد عبده يماني.. وكانت بادرة رائعة من نادي جدة الأدبي تجاه من يستحق التكريم في ليلة وفاء مليئة بالحب سكنت كل القلوب.. في ليلة الوفاء أطل رئيس النادي عبدالمحسن القحطاني الذي بدا يراقص الكلمات ويترنم بها بشكل آسر وتحدث عن محمد عبده يماني العلاّمة ذلك الإنسان الذي كان يزرع البسمة هنا وهناك وينثر في حياض حديثه الكثير من الذكريات.. ثم عُرض فيلم وثائقي عن الراحل على صوت فيزوز الساحر يحمل بصمات وبصمات للراحل من حياته وعن ابنائه وبناته وعن مناصبه ورحلاته وكتبه وأبزر ما قيل عنه.. وبعد انتهاء الفيلم أتى دور ابنه ياسر محمد عبده ليعبّرعن مشاعر حب فياضة وشكر الجميع على هذا الحب الكبير الذي ناله والده.. بعد ذلك استلم دفة الحديث رجل شارك الراحل لحظات الفرح والحزن.. محب ورفيق درب.. اجتذبته سنوات العمل ليقدم نسمة تاريخية آسرة عن رفيق دربه محمد عبده يماني.. ذلك هو الإنسان الكبير الشاعر الرائع وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز محي الدين خوجة.. والذي حينما تحدث سكت الجميع شوقاً لحديثة الذي كان يشبه الشدو أحيانا ويولد زفرات حزن في أعماق حارة افتقدت حبيبا وافتقدت صديقا وافتقدت رفيقا.. هي لحظة وفاء ودائماً لحظات الوفاء لمن يستحق الوفاء تشعل الدهشة وترسم اتجاهاً مختلفاً.. ليلة جميلة بحق امتلأت أمامها قاعة النادي وغصت بالمحبين لمن زرع حباً في دروبهم ولمن زرع الحب في لحظات من أيامهم.. محمد عبده يماني.. أوجع الوزير بحديثه حتى كادت القلوب تتفطّر ألما وتنصت باهتمام بالغ لا مثيل له.. فكان حديثه حديث محب فقدَ غاليا عليه جداً.. وبعد أن انتهى الوزير من كلمته طُلب منه تسليم الدرع التذكاري لياسر محمد عبده نيابة عن أسرة الراحل في لحظة امتزجت فيها كل مشاعر الصدق.. ثم أُعلن عن جلسة أدبية أدارها عبدالمحسن القحطاني بتقديمه عبدالله فراج الشريف والدكتور سعود المصيبيح.. وكلٍ منهما أدلى بشهادته.. تحدث عبدالله الشريف كثيراً عنه وعن أعماله وعن خلجاته وبصماته وعن لحظات كثيرة جمعت بينهما عن أشواق ومحبة زرعت في كل الخطى.. فكان حديثه كرشة عطر رقصت معها نسائم الأنس بشكل آسر.. والدكتور سعود المصيبيح تحدث بكلمة مشعة وذكر أن لمحمد عبده يماني مواقف مميزة أنقذته من أن يكون في طيات النسيان وهو في بداية حياته الإعلامية ولكن حنكة الوزير يماني أنقذته فكانت شهادة حق سجلها الدكتور سعود وكانت كلمة موجزة معبرة.. ثم ارتفعت الأيادي تود أن تشارك لكن الدكتور عبدالمحسن القحطاني أخبرهم بأن هناك الكثير من أتصل به وارسل له ليتداخل في تلك الليلة البهية المطرزة بالصدق، فكان أول المتداخلين الدكتور رضا عبيد والذي ذكر كيف أُنشئت كلية العلوم بجامعة الملك سعود بحرص محمد عبده يماني.. وتوالت المشاعر الفياضة فتحدث أمين عقيل عطاس قائلاً: إنه توأم روحي نلتقي يوميا أو تلفونينا وذكر عن فكرة ولادة جامعة أم القرى في بيت اسحاق عزوز وقد كلم محمد عبده يماني الملك خالد بن عبدالعزيز فتهلل وجهه بعد أن همس في أذن الملك خالد.. وللشعر دور في تلك الليلة الرائعة فألقى الشاعر عبدالاله جدع قصيدة جميلة عن محمد عبده يماني تفاعل معها الجميع.. ثم أطل أحمد بأديب على المنبر قائلاً: محمد عبده يماني يستحق الكثير والكثير.. وتحدث عنه بألق ولم يتمالك نفسه في نهاية كلمته فقد حشرجت الكلمات في صدري وكادت أن تسقط دموعه حزناً على فقده ليماني.. ومن الجهة المقابلة جهة القسم النسائي استلمت الميكرفون فاطمة محمد عبده يماني ورسمت كلماتها الصادقة شعاعا آخر فتحدثت وكان لحديثها وقع في النفوس التي سرّت بما باحت به شلالات المشاعر الدافئة تتدفق بشكل آسر فانهمرت أمطار سلوى أبو مدين عبيراً وأريجا ودفئا وصدقا عانقت سماء الدهشة بكلمات نابضة مبهرة حقا فكان حديثها بلسما شافيا عن محمد عبده يماني وذكرت مواقف منها فهي تعدّه بمثابة أب احتواها.. ثم أطل أخيراً صديقه عبدالعزيز رعدين وتحدث بصدق رغم ما يعانيه من ألم ولكنه أصر على المشاركة ليكون شاهداً على ليلة الاحتفاء.. بصفة عامة.. كانت ليلة امتزجت فيها كل الوان.. الفرح.. والحزن.. والدموع.. والابتسام.. وسوف تظل محفورة في ذاكرة الزمن وقد ملئت جنبات المكان صور الراحل ونبذة عن حياته وبادر النادي بطباعة مجموعته القصصية بعنوان (الهدهد مرّ من هنا).