عانى ملاك العقارات، المستثمرون -رجالاً ونساءً، أراملَ ومطلقاتٍ، أيتامًا ومتقاعدين- من مماطلة المستأجرين عن دفع إيجار العقارات (مساكن، ومكاتب، ومحلات تجارية)، وغالبًا ما يعوّل هؤلاء المستثمرون على العقار المؤجر في تسيير حياتهم المعيشية.. أدّى إلى إحجام كثير من ملاك العقار من تأجير وحداتهم للمواطن السعودي، وتفضيل الأجنبي المقيم؛ لالتزامه، والوفاء بالتزاماته.. حقيقة الأمر أن ليس كل السعوديين غير ملتزمين ومماطلين في دفع التزاماتهم. ثمة فئة من السعوديين ملتزمة بدفع التزاماتها دون مماطلة، وهي الفئة المثقفة الواعية المدركة لأحقية المالك، وفئة أخرى قادرة ماليًّا ولكنها مماطلة، ويعود ذلك إلى الثقافة السائدة عند البعض في المجتمع بعدم الوفاء بالالتزامات في موعدها، وغياب الأنظمة الملزمة. المستأجر المماطل في دفع الإيجار يظل قابعًا في السكن، ولا يستطيع مالك العقار قطع الكهرباء والماء عنه في حالة عدم التزامه بدفع الإيجار في موعده، بالرغم من إجازة عقد الإيجار الموقّع من قِبل الطرفين لذلك، ويتنفس المستأجر الصعداء عند اللجوء للقضاء، كون القضية في المحاكم تستغرق عدة شهور، وتستمر -أحيانًا- لسنوات، ويرجع السبب إلى محدودية أعداد القضاة مقارنة بعدد القضايا المطروحة أمام المحاكم، وتهرب المستأجر من حضور الجلسات في موعدها، فضلاً عن التنفيذ نفسه، الذي يستغرق وقتًا طويلاً بين الشرطة والحقوق المدنية، وقد يحصل مالك العقار على حقوقه كاملة، وقد يحصل على نصفها ويتنازل عن الباقي، وقد يحصل على حقه بالتقسيط، وقد يكتفي بإخلاء العقار، والبعض يدفع ما استلمه من إيجار لفواتير الكهرباء والماء، وخلافه، ولصيانة العقار نتيجة لسوء استخدام العقار من قبل المستأجر، وهذه المعاناة التي يواجهها مالكي العقارات، لا مثيل لها في العالم سوى لدينا. الإشكالية ليست وليدة اليوم، فالمحاكم في السعودية تعاني من قضايا المماطلين في دفع الإيجار والإخلاء، حيث تجاوزت القضايا في المحاكم ال60 ألف قضية، في مدينة جدة أكثر من 20 ألف قضية في محكمة جدة الجزائية، بالإضافة إلى نظر اللجنة العقارية بجدة في 27346 منذ إنشائها عام 1429ه شهر 7، الإشكالية ترجع إلى عدم وجود نظام يحفظ جميع الحقوق (ملاكًا ومستأجرين)، ويمنع جشع بعض ملاك العقار من رفع الإيجار العشوائي.. ولم تصدر وزارتا العدل والتجارة نظامًا يحفظ للجميع حقوقهم كاملة.. المقام السامي منذ ما يزيد عن 4 سنوات أصدر توجيهًا لوزارات العدل، والتجارة والداخلية يقضي بمعالجة كثرة القضايا الحقوقية الناتجة عن خلافات التأجير والإخلاء، وحفظ جميع الحقوق.. واللافت في الأمر أنه طوال الفترة الزمنية منذ صدور التوجيه السامي حتى الآن لم نقرأ، أو نسمع عن أي معالجة من قبل وزارتا العدل والتجارة وفقًا للتوجيه السامي. إنَّ القضية لا تحتاج لحلها؛ جلب حقوقيين عالميين ومحليين، وعقد ورش عمل ولجان ومؤتمرات، واستغراق هذا الزمن الطويل، فإذا عجزنا عن إيجاد الحلول، فبإمكاننا الاستعانة بأحد المكاتب القانونية المحلية، أو الاستعانة باللجنة العقارية بغرفة جدة، فلديها نظام كامل بهذا الشأن.. إنَّ التأخير في معالجة هذا الأمر أدى إلى تفاقم الإشكاليات ومعاناة الناس، وتراكمت الدعاوى في المحاكم.. إن المعضلة لا تحتمل التأخير، فالعقد الموحد الموثق من المحكمة يحفظ جميع الحقوق للملاك والمستأجرين، ويمنع رفع الإيجار العشوائي، ويعوض مالك للعقار نتيجة مماطلة المستأجر عن دفع الإيجار في موعده، ويؤدي إلى تقليص معاناة الملاك، وإصدار قائمة سوداء للممتنعين عن دفع الإيجار يؤدي إلى تقليص الإشكالية، وبالإمكان الاستعانة بالشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) التي ساهمت في تقليص حالات الهروب من سداد الالتزامات للبنوك، وشركات التقسيط، والسيارات. [email protected]