كن طفلًا ولا تكن شيخًا عاقلًا... لا تكن حكيمًا، ولا توزع وصاياك على الآخرين!! كن طفلًا، ولا تنس أن تحمل معك على الدوام، ما يحتاجه الأطفال في هذه الحياة: ممحاةً، وعلبةَ ألوان. كن طفلًا، وتشبث بنجمتك حتى وإن حجبتها الغيوم... لدى الأرض غبارها العالق... لديها غيومها، ولديك ممحاتك. لدى الأرض أشجارها العارية... لديها سماؤها الباهتة، وأرصفتها البالية، ولديك ألوانك!! إذا تصببت عرقا وتعبا، ولم تجد إلا الجحيم من حولك، فافتح علبة ألوانك: ارسم غيمة مثقلة بالماء، وانتظرها حتى تمطر، وإذا كنت ملحاحا على عادة الأطفال، فارسم مطرا نازلا... ارسم نهرا يخترق المدينة من منتصفها... امح الكثير من اسمنتها، وعلبها المغلقة، وارسم أشجارا وطيورا وممرات ومشاة.... ارسم حياةً تليق بالأحياء. لا تصدق أنهم يحرقون أوطانا بكاملها، من أجل كرسي يحيط به الدجالون والمنافقون. لا تصدق أنهم يمثلون بجثة طفل، حفاظًا على عروشهم البلهاء، ذلك جنون لا يليق بالأطفال وكراساتهم وألوانهم وضحكاتهم... إن صدقت فسيموت الطفل فيك إلى الأبد!! في هذا العالم الضيق حد القبر: لا تترك بابا للشعر إلا وطرقته، ولا سلما من خيال إلا وصعدته... بالخيال وحده نحيا إذا ضاقت علينا الجدران، وتراكمت في وجوهنا الأبواب والنوافذ المغلقة... أنتِ أيضا أيتها السيدة المهملة، لا تنسي نصيبك من الألوان... يا من تحلمين بطريق وسفر، ارسمي ذلك أيضا، وإن منعوك حتى من لذة الرسم والخيال، فرددي على مسامعهم ما قاله بابلو نيرودا يوما: “قد تقطفون الأزهار كلها، ولكنكم لا تستطيعون منع قدوم الربيع!!”.