بالطبع فإن ما يحدث في اليمن من تطورات وأحداث دامية لابد وأن يدعو إلى الحزن والألم؛ كونه يدفع به إلى مزيد من الانزلاق نحو حافة الهاوية، التي لا يتمنّى أيُّ إنسانٍ عربي مخلص لعقيدته وعروبته أن يصل إليها، فما حدث في الآونة الأخيرة من استهداف مسجد في نطاق القصر الرئاسي في صنعاء، وإصابة 4 من كبار المسؤولين اليمنيين، بمن فيهم الرئيس علي عبدالله صالح، إلى جانب استمرار حمامات الدم في العديد من المدن اليمنية، يعتبر مؤشر خطر، كونه لا يعني فقط خروج الأزمة اليمنية المشتعلة منذ أربعة أشهر عن نطاقها، وتمددها في اتجاه صراعات ونزاعات ذات طابع قبلي وثأري، وإنما أيضًا إطالة عمر الأزمة وتصعيدها بما لا تحمد عقباه، وبما يجعل من الصعوبة بمكان التكهن بإمكانية استشراف ملامح المستقبل لهذا البلد العربي الذي يعتبر أمنه واستقراره أحد مفاتيح الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. تسارع الأحداث في اليمن بتلك الوتيرة، واتساع دائرة النزاع، وتدهور الأوضاع الأمنية فيه إلى الأسوأ، وسقوط عشرات القتلى، ومئات الجرحى، وحالة الخراب والدمار التي لحقت بالعديد من المباني الحكومية والممتلكات الخاصة، وتدني مستوى الخدمات من مياه وكهرباء وخلافه في ظل حالة الفوضى والشلل التام التي تشهدها البلاد، كل ذلك يستدعي من اليمن (حكومةً وشعبًا، قبائلَ وأحزابًا، شمالاً وجنوبًا) أن يترجم ما اشتهر به من حكمة لتجاوز تلك الأزمة، والنأي عن السير في مسار العنف الذي لا يخلّف إلاّ العنف، واستبدال لغة المفاهمة والحوار بلغة المدافع والطائرات والصواريخ، والعودة إلى الالتفاف حول المبادرة الخليجية التي طرحت الحل الأمثل الذي يتوافق مع مصلحة اليمن، وأمنه، ووحدته، واستقلاله، لا سيما بعد أن أكدت دول مجلس التعاون الخليجي استعدادها لتقديم الدعم والعون لهذا البلد العربي الشقيق، وعدم التخلّي عنه في محنته. المبادرة الخليجية لا تزال مطروحة على طاولة التوقيع، بما توفره من آلية مناسبة ومتوازنة لإنهاء الأزمة، وحقن الدماء، وتغليب المصلحة الوطنية العليا على أي مصالح ذاتية أو جانبية.