عزا باحثون ظاهرة هروب الفتيات إلى آفات مجتمعية أبرزها التفكك الأسري وارتفاع نسب الطلاق وتدهور الظروف المعيشية لدى بعض الأسر وكانت عدة جهات حكومية وأكاديمية قد قامت بإجراء دراسات حول أسباب هروب الفتيات في المجتمع خاصة بعد أن سجلت المؤسسات الاجتماعية والأمنية الكثير من حالات الهروب للفتيات معظمهن في سن مبكرة. وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة من الجهات الرسمية للتعرف على حجم هذه الظاهرة، إلا أن الإحصاءات المتاحة من وزارة الداخلية تشير إلى أن إجمالي حالات الهروب والتغيب المبلغ عنها 3285 من الجنسين، وكان عدد حالات الإناث 850 حالة، وسجلت منطقتا الرياض ومكة المكرمة النسبة الأعلى بين المناطق الآخر. انحراف وجريمة رئيس قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية الدكتور إبراهيم الزبن قال: إن أبرز العوامل المساعدة في انتشار ظاهرة، هروب الفتيات تتمثل في عدم استقرار الأسرة وشيوع الانحرافات داخل بيئتها. وخص بها الأسر التي تعاني من التفكك كالطلاق والهجر وتدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية. مبيناً إلى أن هروب الفتيات السعوديات يأتي نتيجة لعوامل اجتماعية واقتصادية وأن هذا الهروب قد يتحول من “نزوة عارضة” إلى “انحراف وجريمة” يعاقب عليها القانون. بينما لو كان لدى المجتمع ومؤسساته الاجتماعية، كالأسرة مثلاً، الوعي الكافي والآليات المناسبة للتعامل مع مشكلة الهروب من خلال احتواء هذا السلوك واللجوء إلى المتخصصين في العلاج النفسي والاجتماعي والاستفادة من المشورة التي يمكن أن يقدموها. الوازع الديني الدكتورة فتحية القرشي رئيسة الفريق النسائي بهيئة حقوق الانسان، قالت: ظاهرة التغرير بالفتيات ومن ثم اختطافهن التي قد انتشرت في الآونة الأخيرة إلى غياب الوازع الديني والأخلاقي وعدم تفعيل الجانب الرقابي من قبل الأسرة التي لا تستفيق إلا بعد حدوث الكارثة، ونصحت الدكتورة في حديث خصته الفتيات بعد الانجراف وراء التيارات المضللة التي يكون الهدف منها الانحلال الديني والأخلاقي والتي تحاربها جميع الأديان والثقافات. التشتت الأسري حفصة شعيب مديرة مؤسسة رعاية الفتيات أكدت اختلاف العوامل إلى جعل الفتاة تلجأ إلى هذا المصير المجهول فهناك التشتت الأسري وضياع الألفة والمحبة والحوار بين أفراد الأسرة بل قد يكون الدلال المفرط والانفلات الزائد أحد أكثر الأسباب المؤدية لذلك مشيرة إلى أن العديد من الحالات التي تم استقبالها مؤخراً كان الانفلات والثقة المفرطة وترك الحبل على الغارب أحد أقوى أسبابها وعن الكيفية التي يتم فيها التحقيق مع الفتيات الهاربات قالت: إنه في حالة تلقينا بلاغاً من الشرطة بالقبض على فتاة ما في قضية هروب وبمجرد معرفة الاسم والهوية وأخذ كافة المعلومات المتعلقة بها تودع الفتاة لدينا هنا من قبل الشرطة ويتم التحقيق معها بمعية ولي أمرها أو إحدى السجانات داخل المؤسسة هنا اما عن الكشف على الفتاة فأشارت حفصة شعيب إلى أن المؤسسة قد تلقت تعميماً من وزارة الداخلية بعدم الكشف على الفتيات الهاربات عند حضورهن سليمات وعند المصادقة على أقوالهن كما أننا لسنا الجهة المخولة بالحكم عليها وليس من اختصاصنا الكشف عليها. الإعلام المنفتح كما أرجعت حفصة شعيب تزايد أعداد الهاربات في الآونة الأخيرة إلى دور الإعلام المنفتح الذي بات يهدد حياة العديد من الأسر وإلى فقدان جانب الحوار وكذلك ضياع البرامج التثقيفية والتأهيلية في داخل الأسر التي قد تخفف من حدة معاناة الفتيات في هذا العمر . وعن تعاطي الإعلام حول قضايا الهروب أشارت حفصة شعيب إلى استيائها من عدم مصداقية بعض المطبوعات وعدم شفافيتها في الطرح أو النقل وإلى استخدام أساليب سيئة في ذلك والتي منها الخلط بين دور الرعاية الاجتماعية مشيرة إلى أن هذا يعد انتهاكاً صارخاً للنزاهة الإعلامية وإلى تحجيم المشكلة واتساع رقعتها بدلاً من حلها. ليست ظاهرة البروفيسور عمر الخولي أستاذ القانون بجامعة الملك عبدالعزيز ومستشار هيئة حقوق الإنسان قال إلى انه ليس باستطاعتنا تسمية هذه القضية بظاهرة لأنها لم تبلغ حد الظاهرة ولكنها حقيقة واقعة ماثلة للعيان بسب قد تكون متزايدة عاماً بعد عام ولابد من الآن التصدي بإجراءات حاسمة تكفل توقف هذه الظاهرة أو تحجيمها لأن آثارها مدمرة على الأسرة والفتاة نفسها. وقال الخولي: إذا وقع الهروب وقعت المشكلة بصرف النظر عن كيفية العثور على الفتاة أو وقت العثور عليها أو حالة العثور عليها مؤكداً إلى أن جميع هذه العناصر تظل أقل أهمية من واقعة الهروب نفسها التي تعد مزعجة أو مقلقة بحد ذاتها والتي ينبغي التصدي لها. مغفرة الزلات الشيخ يحيى الكناني مدير لجنة رعاية السجناء إلى أن اللجنة تتعامل مع الفتاة الهاربة مثل أي سجينة داخل الإصلاحية أو مؤسسة رعاية الفتيات فنقوم برعايتها انسانياً واجتماعياً وتأهيلها نفسياً ايضاً اذا استدعى الأمر ذلك كما نحاول التوفيق بينها وبين أي شخص يمكن أن يتزوجها في حالة رفض أهلها استلامها كما نقوم بالاستعانة بمشرفات تربويات ومحتسبات لتقديم برامج تربوية هادفة. أما عن دور اللجنة في قضية هروب الفتيات فأبان الشيخ إلى قيام اللجنة بدور الوساطة وبذل كافة المساعي من أجل الإصلاح وإقناع الأهالي بضرورة نسيان الماضي ومغفرة الزلات. تزايد الإحصاءات الدكتورة نور قاروت رئيسة لجنة إصلاح ذات البين النسائية أشارت إلى تزايد الإحصائيات الأخيرة حول هذه الظاهرة والتي قد بلغت في مجملها إلى 500 أو أكثر من ذلك سنوياً في منطقتي الرياض وحدها ومكة المكرمة مرجعة ذلك إلى تمرد الفتيات على ذويهن وأسرهن وعدم الالتفات لمبادئ ديننا الحنيف الذي أمر بطاعة الوالدين وأولي الأمر وتمنت الدكتورة من خلال منبر الإعلام النزيه المتمثل في صحيفة “المدينة” ان يكون هناك توجيهاً للأسر بأن عصر الجبر والإكراه قد ولى وانتهى وأن أساليب الضرب والإكراه ستكون لها عواقب وخيمة وآثار مدمرة، مشيرة إلى ضرورة الركون إلى أساليب أكثر رقياً وأكثر عصرية كأساليب الحوار والإقناع وتكرار المحاولات وتقديم الأدلة والبراهين. حل المشكلة مريم خضر الزهراني عضو اللجنة الثقافية والإرشادية بجمعية أم القرى النسائية الخيرية قالت: إن الحل لهذه المشكلة يتمثل في إدراج عنصر الحوار وجعله حلقة وصل بين كافة الأطراف وأن يكون مبنياً على الهدوء والتفاهم واحترام الطرفين والاستماع وتقبل الرأي الآخر . والبحث عن ما يهدد العلاقة والروابط بين الوالدين والفتاة وتلافي الأخطاء قبل ان تتفاقم المشكلة وتصبح ظاهرة. مشيرة إلى ضرورة اتباع الطرق الحديثة في العقاب ونسيان القديمة كالضرب والوعيد والحبس أو التهديد والتي ليس لها مجال في هذا العصر الحالي. ومراعاة فهم الفتيات للحياة يختلف عما يفهمه الآباء والأمهات في السابق.