(1)خطاب تعليمي يقول الخبر:»إن إدارة التربية والتعليم في محافظة الطائف سحبت صلاحية إعداد الاختبارات من62/ من مجموع المدارس الأهلية بالمحافظة,بسبب عدة ملاحظات تم رصدها على أداء تلك المدارس ومنها:ضعف التصحيح والمراجعة-كثرة غياب الطلاب طيلة أيام السنة ومنحهم درجات المواظبة كاملة-الصياغة الضعيفة للأسئلة وتركيزها على مواضيع محددة-اختزال الكتب الدراسية في ملخصات لاتتجاوز ثلاث ورقات-إلغاء الكتب الدراسية والاستعاضة عنها بملخصات للمعلمين تباع في المكتبات بأسعار مرتفعة-ارتفاع درجات الطلاب والطالبات بالرغم من تدني مستوياتهم».. وأقول إن هذه الملاحظات تفضي-بلا شك-إلى مشهد تعليمي تربوي ممعن في الرداءة والابتذال,تبرز في ثناياه السمات المستخلصة الآتية-والتي يشترك في صياغته المهترئة المالك وإدارة المدرسة ومعلموها ومشرفوها-(اللامبالاة والعشوائية,إهمال خطط التعليم المتعلقة بتوخي الدقة في وضع درجات السلوك والمواظبة التي من شأن العمل بها أن يحجم غياب الطلاب وسلوكياتهم المنحرفة,ضعف الذهنية العلمية التعليمية لواضعي أسئلة الاختبار,لأن الأسئلة الصحيحة تدل على ذهنية صحيحة,تفضي بالضرورة إلى إجابات مثمرة,أو افتقارهم للأمانة التعليمية بتركيزهم على موضوعات محددة يتم الاتفاق عليها منذ البدء تحقيقا لأعلى الدرجات المضللة-كما أن افتقار تلك الأمانة التعليمية يتجلى من خلال ارتفاع الدرجات بالرغم من تدني مستويات الطلاب-بروز الغاية المادية النفعية وطغيانها على الغايات التعليمية النبيلة).. وبعد تلك الشواهد التي تضمنها الخبر بتجلياته السابقة, هل يعد الاكتفاء بمجرد سحب صلاحية إعداد الاختبارات من تلك المدارس عقوبة مناسبة لحجم كل تلك الأخطاء الفاضحة؟!..يا(حبايبي ياغالين في إدارات التعليم)المسألة أكبر من ذلك بكثير..المسألة أمانة خانها المكلفون بها,والتزام بمناهج التعليم اجترأ على تجاوزه أدعياء التعليم..المسألة إما خلل في الذهنية العامة لأرباب هذا المشهد التعليمي الواهن,أو نكوص جديد إلى إشكالية الأمانة المعلقة على شرفات الخيانة والفساد,وكل ذلك يعد إخلالا تاما بالأهداف والغايات العلمية والتعليمية والتربوية,لاينفع معه إلا الاجتثاث والاقصاء,بإغلاق تلك المدارس مباشرة..فالظل لايستقيم أبدا (والعود أعوج),وما مشهد الخلل في أداء الاختبارات إلا نتيجة لخلل المنظومة التعليمية برمتها في تلك المدارس...! (2)خطاب أدبي فكرت كثيرا عن مبرر ما يسوغ لأحد مثقفينا البارزين ممن سلموا أنفسهم رايات السرد الروائي وفنونه,وهو يستهل أمسية قصصية له مؤخرا»بخشيته ووجله من وجود معارضين له-من خلال ماسوف يقدمه من قصص قصيرة-لايترددون في تقريعه وفي تحذير الجماهير من هذا الجنس الأدبي الذي يقدم تشوهات فكرية لدى الناس»..بحثت عن مبرر..عن مخرج..عن شئ ما,فلم أجد على الاطلاق سوى أن أقول:»ياخوي..ياأستاذنا الفاضل..هو حنا ناقصين مشاهد وجل وتربص وشك جديدة؟فيا ما في الجراب ياحاوي,لتعلق القصة القصيرة البريئة على مشاجب أشخاص متخيلين يعارضون ويحاربون ويحذرون!؟»..أما لو كان القصد من تلك(الطلعة العجيبة)إثارة الاهتمام,فكان من الممكن لأستاذنا أن يتحدث عن الليبرالية بين الغذامي وخصومه,أو تطبيقات المناهج التفكيكية النقدية على نصوصنا التراثية والأدبية,أو حتى عن الأخ الأكبر لقصته القصيرة(الرواية)بكونها أكثر تعقيدا وإثارة وتداعيات..كان من الممكن طرح خطابات كثيرة تبرر تلك البداية المضحكة..أو فلنقل(على طاري الضحك-»ماحد شايفك ياللي في الظلام تغمز..وبس!!» (3)خطاب شرعي بارك الله في شيخنا الجليل عبدالمحسن العبيكان..وهو يذب عن عرض موحدة مؤمنة مواطنة(منا وفينا)..الأخت منال الشريف,في وجه الذين اتهموها بالضلال ووسموها بالفاسقة حينا والخاطئة حينا آخر,وهم لايعرفون أن تلك الأوصاف-ترتبط-بالاجبار الركني اللغوي والمفاهيمي-بحدود شرعية كبرى قد انتهكت,ليكون الشيخ(أعرفهم)بعدم وجود نص في الكتاب والسنة يحرم صنيع الفتاة!وإنما هو قد بنى اعتراضه على(فعلها)وليس على شخصها من أبواب مقاصدية شرعية مقنعة توضح حجم الضرر الذي يترتب على قيادة(منال)لسيارتها..وهذا الخطاب بملامحه المتزنة الهادئة هو الذي نحتاجه وننشده في كل الأحوال..(بعدين)ياجماعة الخير,هل قادت المرأة نفسها في مجتمعنا قبل أن تقود سيارتها؟!(وكفى!) (4)خطاب فكري يقول أحد أساطين صحافتنا العربية,وهو على عجلة من أمره بأن»الخلافة التي يفاخر ويعترف بها هي خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه,وهو لايريد أن يرى هذه الخلافة الاسلامية في أي بلد عربي»..ثم نجده بعد أيام قليلة يعتذر عن هذه المجازفة مبررا تلك الحماقة الفكرية بأن»مقالته قد كتبها يوم الأحد,يوم الإجازة في لندن,وبالتالي فليس عنده وقتها الباحثون الذين يعتمد على مراجعتهم وتحقيقهم»..!! (طيب)ياخازن صحافتنا العربية..ثمة أسئلة أدلقها على بياض مساحاتك اليومية..فهل طلب منك أحد أن ترى هذه الخلافة في البلدان العربية؟ثم أن(مجرد)التفكير في شأن كهذا-بتلك البساطة- يعارض الذهنية المعرفية الصحيحة,فالتعامل مع التراث يجب أن يتم على مستويين اثنين,حتى يتم استثماره بالطريقة المثمرة الصحيحة(قراءته بحسب العصر الذي تجلى فيه,ثم محاولة مقاربته بنصوص القرآن الكريم والسنة(المؤكدة) مع شواهد واقع العصر من خلال مناهج نقدية وتفسيرية وتأويلية قادرة بجلاء على سبر أغوار تلك الموضوعات(المتكررة)!المسألة أكبر من أن يتم تعاطيها بمقال متسرع!وماالذي دعاك ياأستاذنا أن تكتبه يوم الأحد؟لماذا لم تنتظر إلى يوم الثلاثاء مثلا,حتى يعود الباحثون إلى مراكزهم وجامعاتهم فتوثق من خلالهم معرفتك ببقية الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم؟..ثم إذا كانت تلك آلية تفكير خزنة صحافتنا فعليه العوض في(الأفكار)و(المضامين)!حتى ننسى هذه(الطلعة اللندنية)كما ننسى(طلعة خوينا القاص)من قبل! (5)خلاصة كلها مجرد تخبطات..اعتدنا عليها بين الحين والحين في خطاباتنا التعليمية والدينية والأدبية والصحافية والثقافية.. بدعامة من فقر المعرفة,والرغبة في الإثارة,وافتقار مناسبة الخطاب للحالة والواقعة,وأشياء اخرى ربما لايتسع لها هذا البياض المخضر دائما ببهجة تلقيكم,وسماحة وعيكم...جميعا جميعا..