أعلن القادة الخليجيون موافقتهم على طلب الأردن الانضمام إلى مجلس التعاون، وطلبوا من وزارة الخارجية الأردنية التواصل مع الأمانة العامة للمجلس؛ لإعداد هيكليات وأنظمة ولوائح الانضمام. وجاء القرار بردًا وسلامًا على الأردن؛ لما سيكون له من انعكاسات إيجابية كبيرة على هذا البلد الذي يعاني من أزمات اقتصادية خانقة، تعيق حركة نموّه وتطوّره. ففي الأردن يعيش نحو 25% من سكانه دون خط الفقر، و12.5% من قواه العاملة تعاني من البطالة، و8.3% فقط نسبة الأغنياء مقابل 41% ينتمون إلى الطبقة الوسطى. وبالنظر للتبعات الخارجية للاقتصاد الأردني فقد مُني بخسائر فادحة خلال السنوات القليلة الماضية، متأثّرًا بذلك بشكل مباشر بما حصل عالميًّا من أزمة مالية، وتحديدًا في دول الخليج العربي، وأوروبا، وأمريكا. ولقد حددت السلطات الأردنية المختصة مكامن الضعف بأنها ناجمة عن انخفاض حجم تدفق الاستثمارات الخارجية، وعن ارتفاع متسارع في أسعار الطاقة، وعن ارتفاع حجم المديونية العامة. ولهذا كان لابد من اللجوء إلى جملة من التدابير الضرورية والسريعة التنفيذ والتي تمخضت عن عرض مشاريع استثمارية جديدة بقيمة 30 مليار دولار للعشرين سنة المقبلة، واعتماد سياسة تقشف كبيرة في مؤسسات الدولة طالت حتى الديوان الملكي، بحيث تم تخفيض مصروفاته بنسبة 7%. كما عمدت الدولة إلى إجراء اتصالات مكثفة مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل الحصول على مساعدات عاجلة. وكان من نتيجة ذلك أن تلقت هبات بقيمة 1.3 مليار دولار عام 2009، ومبلغ مماثل عام 2010، بحيث وصلت قيمة الهبات الممنوحة من جهات خارجية إلى الأردن إلى نحو 9 مليارات دولار من العام 1999 إلى العام 2009. وتحاول السلطات المختصة بشتّى الوسائل ردم الهوة بين الصادرات والواردات حيث بلغت الأولى 9.8 مليارات دولار، وبلغت الثانية 15.5 مليار دولار أي بعجز بلغ نحو 5 مليارات دولار. وتعتبر الفاتورة النفطية هي الأغلى أردنيًّا، حيث تستورد احتياجاتها من العراق فيما تستورد الغاز والكهرباء من مصر. وعندما تكتمل شروط انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي فإن الأردن لا بد أن يحصل على أسعار تفضيلية لاستيراد احتياجاته من شركائه المستقبليين، كما ستصبح أسواق الخليج مفتوحة أمام الأردنيين مقابل انفتاح الأسواق الأردنية أمام الاستثمارات الخليجية. هذا عدا عن أن الأردن سيصبح بوابة الخليج إلى المشرق العربي، ومنه باتجاه أوروبا، أو من الخليج إلى الأردن، فمصر باتجاه إفريقيا. وقد يعلق البعض على أن دول مجلس التعاون الخليجي لم تكن بحاجة إلى ضم المملكة الأردنية الهاشمية، خاصة أنها دولة فقيرة، والرد المنطقي هو أن دول المفوضية الأوروبية تبلغ 27 دولة، من ضمنها بضع دول فقط لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة هي الدول الغنية، فيما الدول الأخرى ذات إمكانات اقتصادية متواضعة جدًّا. وبناء عليه، فالهدف ليس اقتصاديًّا، وإن يكن هذا الجانب مهمًّا بالنسبة للأردن، وإنما هناك جوانب إستراتيجية لا يمكن إغفالها وهي لا تقل أهمية عن الاقتصاد ومفاعيله. [email protected]