أول إمارة للشعر كانت للشاعر الكبير: أحمد شوقي، وثارت بعدها زوابع كثيرة، ولازالت إلى يومنا هذا مع أن شاعرية شوقي في غنى عن هذا اللقب، لكن الاعتراض ظل متواصلاً. وبعد سنوات عديدة بويع الأخطل الصغير “بشارة عبدالله الخوري” -الشاعر اللبناني الكبير- أميرًا الشعراء.. والأخطل الصغير شاعر يشكّل ظاهرة شعرية -في مرحلته- فقد جاء شعره الرومانسي عبقًا بالأناقة وجمالية اللغة وجدة التشكيل.. ويبدو أن لقب أمير الشعراء قد سرى عليه حتى أن طبعة من طبعات ديوانه قد كتب عليها “أمير الشعراء” بخط كبير وتحتها بخط أصغر كتب “الأخطل الصغير”.. والذي لا شكّ فيه أن الأخطل الصغير يشكل ظاهرة شعرية متميزة داخل نسيج الشعر اللبناني بخاصة، والشعر العربي الحديث بعامة.. فهو شاعر الرقة والرومانسية، وأناقة اللغة، وجمالية التصوير، وجدة التشيكل الشعري.. وفي فترة.. سرت أحاديث عن إطلاق لقب “أمير الشعراء” على الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور، ويبدو أنه مات قبل أن ينعم بهذا اللقب ويطلق عليه، وهو الشاعر الكبير ضمن منظومة شعراء التفعيلة والذي كان منافسًا وندًّا للسياب والبياتي، فقد كان السياب يرى في البياتي وعبدالصبور منافسين خطرين له. وتوزّعت اهتمامات صلاح عبدالصبور بين الشعر والمسرحية والكتابة النقدية المتقنة، وكان شعره يشكّل نغمًا خاصًّا اقترب فيه من هموم رجل الشارع بلغة بسيطة تحمل السهولة الممتنعة، ومات صلاح قبل أن يحقق “أحلام الفارس القديم”. أمير الشعراء لقب سرى على ثلاث مراحل، وثلاثة شعراء بارزين في كل مرحلة، لكنه اختفى ليظهر في حقبه شعرية معاصرة بما يمثل الارتكاسه الشعرية الواضحة.