يُقال إن رفيقي الأمس جمال مبارك وأحمد عز لا يكادان يلتقيان إلاّ عابرًا في سجن ليمان طرة، فضلاً عن التحدّث مع بعضهما، بالرغم من كل الحظوة القديمة التي كان يتمتع بها أحمد عز، وأثارت دهشة كبار قادة الحزب الحاكم في العهد البائد، ومنهم زكريا عزمي، وفتحي سرور، وصفوت الشريف، وأحمد نظيف. وفي لقاء أجرته الشرق الأوسط (2 أبريل) مع وزير الاقتصاد المصري الأسبق د.مصطفى السعيد، قال واصفًا بعض خصائص أحمد عز النادرة: (عز عنده تركيبة نفسية معينة، أعتقد أن لها علاقة بطفولته، فهو عنده رغبة عنيفة في الاستحواذ على كل شيء.. فقد كان يريد أن يسيطر على كل مجريات الأمور في الحزب الوطني، وامتد إلى إقصائه كل الأحزاب المعارضة، ثم طال الأمر الأشخاص من الدائرة المقربة لجمال مبارك...). أولاً: داء الاستحواذ هذا لا يكاد يسلم منه صاحب سلطة مطلقة، بل هي من طبائع الإنسان السيئة، ما لم تُحكم بضوابط أخلاقية ونظامية وتشريعية. لكن استشراء الاستبداد، وغياب الرادع يجعلان من استفحال هذا الداء لدى المستبد أمرًا طبيعيًّا، يتسارع في كل لحظة حتى تحين ساعة الصفر.. انتفاضة شعب، أو ساعة رحيل. ومن مكر الله تعالى بأمثال هؤلاء، تزيينه سوء أعمالهم لهم، فيظنون أنهم على الصواب الذي لا يحيد، وعلى الحق الذي لا يميل، وإلاّ ما معنى أن يفوز الحزب الحاكم بنسبة 98% من مقاعد مجلس الشعب، والكل يدرك أن التزوير (على ودانه)؟ وما معنى أن يصبح أحمد عز الصديق الأوفى، والمستشار الأول لجمال مبارك؟ هل لأنه زيّن له الاستحواذ على السلطة بعد أبيه لممارسة مزيدٍ من الاستبداد، والقهر، والتنكيل بكل معارض، أو ناصح، أو غيور!! هكذا تجرى الأقدار لتكتب نهاية الاستبداد.. إنه الاستدراج الإلهي الذي يزين للمستبد سوء عمله فيراه حسنًا، فينقلب ضده تدميرًا وهلاكًا. إنها دروس مجانية كثيرة يزخر بها التاريخ القديم، كما الواقع المعاش، ولكن العجب -كل العجب- يزول حين نتذكر قول الله عز وجل: (أم على قلوب أقفالها). أقفال غليظة لا يزيلها إلاّ قدر الله حين يأتي بغتة! [email protected]