بعد أربعين عامًا على رحيل الشاعر السعودي عبدالله الخالدي، الذي ظل منتجه الشعري بمنأى عن النشر والظهور طوال هذه المدة، يستعد الدكتور عبدالرحمن الوهابي لتسليط الضوء على هذه التجربة في كتاب سيصدر يصدر قريبًا عن طريق مركز النشر بجامعة الملك عبدالعزيز، يتناول مجموعة عبدالله الخالدي الشعرية «عبر الطريق»، بأجزائها الثلاثة، حيث تتعلق دراسة الوهابي للمجموعة بالأداء الفني والرؤية المضمونية، وفيها يصف الوهابي الشاعر الذي يخرج شعره لأول مرة إلى المكتبة الثقافية بأن الخالدي سوف يكون أحد محاور ارتكاز دراسة الشعر العربي الحديث عامة، والسعودي بخاصة لما لشعره من مزايا فنية ذات جودة، وقيم ثيمية إنسانية ممزوجة بالرومانسية والفلسفة، وهذا لا يتوفر إلاّ لأصحاب التجربة الشعرية العميقة ذات الخلفية المعرفية بالحياة، وهذا وفقًا لمادته الشعرية، آملاً أن يكون إخراج المجموعة والدراسة الأولية عنها فاتحة لدراسة هذا الشاعر، والغور في مسالك فنيته ومضامين شعره. وحول المخطوط ذكر الوهابي بأن المخطوط هو الوحيد الذي تضمن قصائد الشاعر الذي لم يكن حريصًا على نشر شعره أو البحث عن الشهرة أو التسويق من خلاله، لعوامل متعددة نفسية واجتماعية، وهذا يعزز من قيمة شعره الإنسانية والمعرفية وتجربته فيه. ومن شعر الخالدي الذي ينشر لأول مرة أهدى الوهابي «الأربعاء» هذه الأبيات من قصيدة «عبر الطريق»: نبع القريض من الحياة وإنما ينبوعه ألم يذيب ويحرق الشعر من فلك العذاب وكلما زاد اللهيب من الجوى يتفتق الشاعر خلق القريض من الحجى ومن الأسى ومن الهوى لا يخلق الشعر من وهج السنى إلهامه روح الوجود الخافق المتدفق الشعر يقتنص الرؤى متجنحًا في رفرف الأطياف ثم يزوق والفكر وعي والقريحة جوهر والشعر تنزيل القريحة رونق والفكر يشمخ كالثلوج على الذرى والشعر في فلك الشموس يحلق للفكر في فن القريض رسالة كلمات صدق بالجمال تحدق ما الدر ما السلطان بين كنوزنا إلا هشيمٌ أو نواةٌ تُبصقُ فالشعر نورٌ سوف يبقى للمدى والحرف يسمو للخلود ويعشق والخير من شيم النفوس طبيعة ومن الطبائع ما يجور ويرهق شَحْذَ الطبيعة بالفنون حضارةٌ والخير ما يدعو القريض وينسق من هيكل الآباء جاء بباقة نغمُ السنى -للذابلين- ودورق كلماتُ إنسانٍ تُخَلَّد في الورى ولها الضياء على الحياة ورونق هي صورة ممّا رأى وحقيقة ممّا وعى عبر الطريق ومنطق يشار إلى أن الشاعر عبدالله الخالدي من مواليد مدينة الطائف في عام 1930م، عمل ضابطًا في سلاح الطيران السعودي حتى تقاعد منه في عام 1970م، واعتزل بمقر أسرته في المدينةالمنورة منذ ذلك الحين، معتزلاً كتابة الشعر كذلك، حتى وافته المنية بالمدينة المنوّرة في العام 1994م.